لماذا سليمان فرنجيّة؟

حسن الدر –

 

لبنان سيضطرّ، على الأرجح، لتحمّل المزيد من الألم قبل أن يشكّل هذا البلد المتوسطيّ الفقير حكومة جديدة، مع احتمال تفكّك كامل للدّولة»!

مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط «باربرا ليف»

واهمٌ مَن يضع انتخاب رئيس الجمهوريّة في خانة الحسابات الدّاخليّة، ومن يفعل ذلك سيبقى خارج المعادلات الاقليميّة والدّوليّة الّتي يعاد رسمها على الحامي دوليًّا وعلى «جمر تحت رماد» إقليميًّا.

أمّا في لبنان فما زالت بعض القوى ترقص على حبال الانهيار بإصرارها على الاستعراضات الفارغة سبيلاً لملء الفراغ الرّئاسيّ الّذي لو طال أشهراً سيعرّض الأمن الاجتماعيّ لخطر الفوضى «الخلّاقة»، وكلام «باربارا ليف»، الوارد أعلاه، ينطوي على خطر محدّق بلبنان الكيان.

وإذا كنّا قد اعتدنا على هذا السّقف من التّصريحات منذ بداية حراك ١٧ تشرين إلّا أن التّوقيت، هذه المرّة، يحمل دلالات أكثر خطورة وجدّيّة.

جاء كلام «ليف» بعد توقيع تفاهم ترسيم الحدود البحريّة، وبعدما استبشر اللّبنانيّون خيراً بفتح صفحة جديدة من الاستقرار الدّاخليّ تمهيداً لتسوية أكبر في المنطقة تضمن هدوءاً سياسيًّا واجتماعيًّا يحصّن الهدوء الأمنيّ جنوباً، وقد ذهب كُثر إلى حدّ الاعتقاد بأنّ الولايات المتّحدة ستسهّل انتخاب رئيس للجمهوريّة قريب من حزب الله بسبب تسهيل الحزب إتمام توقيع التّفاهم البحريّ، ولكن حصلت وتحصل أحداث في العالم والإقليم توحي بمشهديّة مقلقة في قابل الشّهور:

– أصيب «ترامب» وحلفاؤه بنكسة في انتخابات التّجديد النّصفيّ. صحيح أنّ الجمهوريين تقدّموا لكنّ الموجة الحمراء تكسّرت عند إجراءات الدّيموقراطيين الاقتصاديّة النّاجحة إلى حدّ ما.

– فاز «بنيامين نتنياهو» واليمين الأكثر تطرّفًا في تاريخ الكيان، رغم العلاقة المتوتّرة الّتي تربطه بالديّموقراطيين والدّعم الواضح الّذي قدّمه «بايدن» لـ «لابيد».

– ارتفع منسوب التّوتّر بين المملكة العربيّة السّعوديّة والجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة على خلفية اتّهام إيران للسّعوديّة بتأجيج الاحتجاجات ودعمها إعلاميًّا ومادّيًّا.

– بدأ الحديث جدّيًّا، ولأوّل مرّة منذ بدء الحرب، عن إمكانيّة فتح حوار بين روسيا وأوكرانيا لحلّ الأزمة ديبلوماسيًّا بعد تيقّن الغرب بأنّ هزيمة روسيا صعبة، وتأكَد روسيا بأنّ انتصارها على النّاتو مجتمعاً أصعب، ولعلم النّاتو بأنّ روسيا المحرجة أكثر خطراً من روسيا المرتاحة، فلا بدّ من العمل على صيغة تنهي الحرب وفق مبدأ «لا غالب ولا مغلوب» رغم صعوبة الإخراج.

هذه العوامل وغيرها تحتّم على اللّاعبين الإقليميين أخذ الحيطة والحذر لما ستحمله الأشهر والسّنوات القادمة من توتّرات وصدامات في منطقة الشّرق الأوسط، وهذا ما كان نبّه إليه «هنري كيسنجر» قبل أشهر قليلة.

ولأنّ الحسابات الاستراتيجيّة لا تحتمل المسايرة والمجاملة، ولا تقبل احتمال المغامرة في المسائل المصيريّة، يقارب الثّنائي الشّيعيّ الاستحقاق الرّئاسيّ انطلاقاً من كونه خطًّا أحمر يعني تجاوزه اللّعب بالأمن الاستراتيجيّ للمقاومة.

وهذا لا يعني فرض إرادة الثّنائي على حلفائه واللّبنانيين، بل هي دعوة إلى تفهّم خطورة وحساسيّة المسألة بالنّسبة إليهم، ودعوة الحوار الّتي أطلقها الرّئيس نبيه برّي كانت بهدف تقريب المسافات بين المتحاورين للوصول إلى صيغة تطمئن جميع المكوّنات.

يقال بأنّ السّيّد حسن نصرالله سأل النّائب «جبران باسيل» إذا كان يستطيع أن يضمن اسماً بديلاً عن «سليمان فرنجيّة» بحيث لا ينقلب عليه وعلى الحزب لاحقاً، فكان جواب «باسيل» الصّمت!

وإلى أن يقتنع «باسيل» بالتّسوية مع فرنجيّة، أو يُقنع حزبَ الله بمرشّح آخر، سيبقى سليمان فرنجيّة الشّخصيّة الأكثر موثوقيّة لدى الثّنائي، ونقطة الالتقاء بين سوريا والسّعوديّة وإيران وأميركا، والأقدر على التّواصل والحوار مع مختلف الأفرقاء اللّبنانيين، رغم اختلاف بعضهم معه في الثّوابت إلّا أنّ الكلّ يتّفق على صدقه وثباته وشفافيّته، وهي صفات كافية ليكون عامل ثقة واطمئنان..

Leave A Reply