الخيارات الحكومية الصعبة أمام ميقاتي

 روزانا بومنصف – النهار

يخشى البعض ان يخاطر رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بان يتعرض لما تعرض له الرئيس سعد الحريري الذي وعلى رغم اقتراب عهد ميشال عون من نهايته ، لا يزال يتم تحميله مسؤولية ايصال هذا الاخير الى الرئاسة الاولى اكثر من اي طرف اخر في ادانة كبيرة لما تميز به هذا العهد من انهيار يرمي مسؤوليته على الاخرين . التجربة التي يتعرض لها ميقاتي باتت تتصل برئيس التيار العوني جبران باسيل الذي بات يدير على نحو واضح من دون اي قفازات او اي امر اخر عملية تأليف الحكومة وشروطها بدلا من الرئيس عون فيما انه وفي حال اعطى هذا الاخير ما يريده او حتى الجزء القليل مما يريده في الحكومة، فانه لن يترك له ادارة الحكومة بل سيتعرض لعملية تعدي على صلاحياته على نحو مستمر تحت عنوان ان كل وزير هو رئيس للجمهورية وفق لم يخف الفريق العوني مرارا وتكرارا ما يخشى ان يحول موقع الرئاسة الثالثة الى مجرد رئيس عاجز عن ادارة وزرائه . وتاليا هو يوقع على تسليم الحكومة لباسيل وتعريض رئاسة الحكومة وصلاحياتها الى الخطر والاضعاف . وثمة من يقول ان البقاء على حكومة تصريف الاعمال قد تكون اخف وطأة فضلا عن انها ستشكل حافزا لعدم التأخر في الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية لا سيما ان التيار العوني واعتراضاته بعد خروجه من السلطة لا تعني اكثر من اعتراض فريق يتحول الى المعارضة وسيضغط من اجل استقالة وزرائه فيما ان المعارضة الحقيقية هي ل” حزب الله” ومدى ذهابه في دفع حليفه المسيحي الى الواجهة او دعمه . ويجب الاقرار بان ميقاتي في موقع لا يحسد عليه وهو يحتاج الى دعم لا يحصل عليه حتى من خصوم التيار العوني من الاطراف المسيحية المنشغلة بالانتخابات الرئاسية علما انها تترك المجال للفريق العوني التحكم بمسار الحكومة مع ” حزب الله” لا سيما اذا طال امد الشغور الرئاسي كما يحتاج الى دعم من البيئة السنية وحتى من المملكة العربية السعودية والدول العربية في حين انه قد لا يحصل على ذلك وفق ما يطمح من ان يسند ظهره بقوة ولا يساوم كثيرا على الصيغة التي قدمها من اجل تأليف الحكومة او تعديل بعض وزرائها . وهذا يقضي بتراجعه عن اي تعديل كان يريده والابقاء على كل التركيبة الحكومية كما هي او عدم تأليف الحكومة من اجل الضغط من اجل الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية . يضاف الى ذلك ان الشغور في حال طال وفرض باسيل والحزب القرارات التي يريدانها في الحكومة، فان الامر سيغدو ثقيلا ومكلفا اكثر على ميقاتي في الداخل ومع الدول العربية . اذ كانت لافتة زيارة السفير السعودي وليد بخاري الى ميقاتي، علما ان بخاري زار اخيرا مروحة واسعة من السياسيين من جميع الاطياف، من اجل رصد تفهم او اظهار دعم ما في هذا الاتجاه على رغم شكوى ميقاتي من عدم الاعتراف بحكومته وعدم فتح الابواب امامه ما ترك موقع الرئاسة الثالثة معرضا لتجاذبات اكثر من العادة. وهذا ما يؤخذ من البعض على الدول الخليجية التي تطالب بالوقوف في وجه التحكم بلبنان من فريق معين ، كما يحصل في الضغط لحكومة تناسب فريق السلطة الذي يريد ان يمدد سلطته حتى بعد انتهاء العهد العوني فيما لا يحظى من هم مطالبون بالتصدي لذلك باي دعم انما من دون اغفال او تجاهل عامل الانقسام الكبير بين اطراف المعارضة او من يندرج تحت سقفها . ولكن تغريدات السفير السعودي المتكررة عن التمسك باتفاق الطائف تفيد بتفسيرات تتشدد ازاء عدم التهاون ازاء موقع رئيس الحكومة وصلاحياته .

وعلى ذمة ما ينقل البعض ، فان ثمة تمايزا بين عون وصهره على هذا الصعيد او قد يكون ذلك لتحييد عون عن الخلافات في اخر ايامه الرئاسية . فعون لم يمانع في ان تتسلم حكومة تصريف الاعمال المرحلة المقبلة على خلفية مخاوفه من ان عرقلة تأليف الحكومة قد تساهم في اضطرار الاطراف الاخرى مع دفع خارجي الى الذهاب الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية . في حين يضغط باسيل في الاتجاه المعاكس بذريعة انه يملك كتلة يريد ان تتمثل في الحكومة ما دام عون مغادرا ولن يعطي الثقة لهذه الحكومة ما لم يحصل على ما يريده في ظل القطيعة المسيحية من الاطراف الاخرى للحكومة ولان لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور ما يسمح له بتوظيف فرصة تعويم نفسه . البعض يقول انه وبغض النظر عن مدى الدعم الذي يحظى به ميقاتي من طائفته في شكل خاص اكان من دار الافتاء او من اخرين مؤثرين ، فان عدم التهاون او التساهل الذي يمكن ان يظهره في التفاوض الجاري على الحكومة يستند الى مدى الدعم الذي يمكن ان يحصل عليه من رئيس مجلس النواب نبيه بري . وتاليا فان الامور تستند بدورها الى مدى المد والجذر او مدى التنسيق بين فريقي الثنائي الشيعي باعتبار ان الحزب داعم لباسيل ان لم يكن بكل مطالبه ولكنه داعم له في حين ان التنسيق عال كذلك بين بري وميقاتي وتأثر بري بحليفه الشيعي ينعكس حكما تأثر ميقاتي في اتجاه التساهل ازاء مطالب باسيل .

الاحتمالات هي ان يفرض ميقاتي الحكومة التي يراها مناسبة مع تعديل ضئيل او تبقى حكومة تصريف الاعمال كما هي مع المخاطرة بان يذهب التيار العوني الى حشر حليفه الشيعي لجهة تبني افعاله او عدم تبنيها او انه هو واجهة لما يريده الحزب كما يعتقد البعض. ولكن بعد مغادرة عون، سيكون التيار العوني مجرد فريق يستطيع المعارضة كما سواه ولا يستطيع ان يفرض ما يريده . وهذا تحد للخارج وللولايات المتحدة التي وضعت ثقلها في الوصول الى اتفاق لترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل منعا للمزيد من الانهيار ، من اجل تأمين موقف دولي حاسم يضرب على الطاولة بقوة من اجل منع دفع البلد الى الانهيار اكثر لا سيما انها لن تقبل على الارجح بوصول من وضعته على لوائح العقوبات لديها بتهمة الفساد فيما ان كل المشاغبة العونية هي من اجل هذا الغرض بالذات .

Leave A Reply