رفع الدّعم عن المحروقات.. ذوي الدخل المحدود ضحية رئيسيّة!

عبد الكافي الصمد – سفير الشمال

وأخيراً رُفع الدعم الحكومي عن المحروقات، وأصبحت أسعارها خاضعة لتقلبات السّوق والعرض والطلب وبالدولار الأميركي وفق سعره في السّوق السّوداء، ما يعني أنّ الحكومة نفضت يدها من كل ما له علاقة بهذا الدعم، وأنّ الفئات الفقيرة من ذوي الدخل المحدود الذين باتوا الغالبية في البلد ستكون المتضرّر الأكبر جرّاء هذا الرفع.

رفع الدعم هذا يستدعي التوقّف عنده وتسجيل ملاحظات عدة حياله، من أبرزها:

أولاً: خلال عام كامل سبق رفع الدعم عن المحروقات، سجّل إرتفاع أسعارها نسباً كبيرة وغير مسبوقة. ففي أيلول عام 2021 كان سعر صفيحة البنزين يقارب 43 ألف ليرة، بينما سجّل سعرها بعد سنة، وتحديداً في أيلول الجاري، بعد رفع الدعم، ما يقارب 650 ألف ليرة، أيّ بنسبة زادت على 1400 في المئة!

إرتفاع أسعار المحروقات الهائل على هذا النحو، والذي رافقه إرتفاع أسعار كلّ شيء تقريباً لأنّ المحروقات تمثل صلب الحياة الإقتصادية بكل قطاعاتها، فضلاً عن إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، لم يرافقه في المقابل زيادة في دخل أو رواتب العمّال والموظفين، بل بقيت على حالها تقريباً مع تسجيل زيادات تكاد لا تذكر، في موازاة شلل تام أصاب مختلف القطاعات وأدى إلى إغلاقها وإفلاسها وهجرة العاملين فيها إلى الخارج بحثاً عن فرص عمل ودخل وحياة أفضل.

ثانياً: رفع الدعم هذا الذي تحقق بعد أربع سنوات من التلويح به، بالتزامن مع إندلاع شرارة الحَراك الشّعبي في 17 تشرين الأوّل عام 2019، وادّعاء بعض أهل السلطة بأنّ هذا الرفع شرط مسبق من صندوق النقد الدولي ومن الجهات المانحة لمساعدة لبنان، رافقته وعود من الحكومات المتعاقبة زعمت بأنّه سيتم في موازاته إقرار البطاقة التمويلية التي ستستفيد منها آلاف العائلات الفقيرة والمحتاجة وذات الدخل المحدود، وتعويضاً لها عن رفع الدعم، لكن وعود إقرار البطاقة التمويلية بقيت حبراً على ورق، وتُرك المواطنون يواجهون قدرهم البائس بأنفسهم.

ثالثاً: رفع الدعم عن المحروقات أتى بعد سلسلة قرارات من نفض الحكومة يدها ورفع الدعم عن سلع أخرى، كالدواء ومواد غذائية أساسية مثلاً، مع تحذير من أنّ رفع الدعم عن القمح والطحين بات قريباً، في موازاة رفع الحكومة أسعار خدماتها سواء في مجال الإتصالات، أو الجمارك، أو الرسوم وغيرها، وصولاً إلى قرار مُنتظر يتمثل في رفع فاتورة الكهرباء، إلى حدّ جعل كثيرين يربطون بين إقرار رفع قيمة فاتورة الكهرباء وبين عودة التيّار الكهربائي، أقله 10 ساعات في اليوم، وأنّه من دون رفع قيمة هذه الفاتورة فإنّ إمكانية عودة التيّار الكهربائي تبدو معدومة.

رابعاً: ترافق رفع الدعم عن المحروقات مع أمر لافت شهده لبنان مؤخّراً وهو إرتفاع عدد الدراجات النارية فيه، وذلك ليس متعلق بالنّازحين السّوريين الذين لجأوا إلى اقتناء أعداد كبيرة منها في تنقلاتهم، بل أنّ أعداداً كبيرة من اللبنانيين إقتنتها بدورها كونها وسيلة إنتقال أقل تكلفة وأرخص، برغم مخاطرها. فقد حين شهد عام 2021 إستيراد نحو 30 ألف دراجة نارية، فقد إرتفع العدد العام الجاري حتى شهر تمّوز الماضي إلى 47 ألف دراجة، بينما سجّل إستيراد السيّارات إنخفاضاً كبيراً.

Leave A Reply