رفع التعرفة يستبق العتمة الشاملة مع انتهاء عقد النفط العراقي: التسعير شهرياً تبعاً لأسعار الفيول…

سلوى بعلبكي – النهار

لا يعرف قطاع الكهرباء، هذا العضو المريض جداً في جسم الاقتصاد اللبناني، الى الموت النهائي طريقاً أو الى الشفاء سبيلاً… يُحتضر على الداوم، بحيث لم تنفع لإنقاذه عشرات الخطط والاقتراحات والمبادرات، ليس إلا لأنه مدرار ذهب على كل ما تولاه أو اقترب منه.

أما الضحيتان فهما: مواطن يئنّ من وجع فواتير المولّدات، ومالية عامة قصم ظهرها حرق 25 مليار دولار “فرش” في السنوات الاثنتي عشرة الماضية ثمن الفيول واستئجار البواخر وغيرها من “لوازم” القطاع. والنتيجة عتمة شاملة في البيوت والمؤسسات على مساحة الوطن وفي ضمير من تعاقب على إدارة هذا القطاع.

آخر المبادرات وإن كانت محقة وضرورية ومتأخرة، محاولة وزير الطاقة وليد فياض رفع الدعم عن سعر الكيلوواط بعدما ارتفعت الى مستويات كبيرة أسعار الفيول أويل ونضبت دولارات مصرف لبنان، فلم يعد من سبيل لتمويل إضافي للكهرباء إلا عبر زيادة التعرفة لخلق بعض توازن يعيد بعض الاستقرار الى مالية كهرباء لبنان. هذه الخطوة يحاول الوزير فياض تمريرها بعدما لمس جدّية الاميركيين في السماح للبنان باستجرار الكهرباء من الأردن ومصر عبر سوريا دون خضوعهما لعقوبات قانون قيصر، وهو واحد أيضاً من شروط صندوق النقد الدولي الإصلاحية. لكن، بالرغم من تأييد الكثير من الخبراء والمعنيين لرفع التعرفة لأن الاستمرار في الدعم هو استنزاف غير صحّي للخزينة، تُطرح أسئلة عدة حيال قدرة اللبنانيين في الظروف الحالية على تسديد فاتورتين خصوصاً أن المطروح هو 10 ساعات فقط وليس 24/24.

أخيراً اقترح وزير الطاقة وليد فياض على مؤسسة كهرباء لبنان “خطة طوارئ وطنية” لقطاع الكهرباء أورد فيها الأسباب التي دعته الى اقتراح رفع التعرفة، “استباقاً للعتمة الشاملة التي من الممكن أن تُصبح أمراً واقعاً بعد انتهاء مدة عقد النفط العراقي لزوم تشغيل معامل إنتاج الكهرباء في أيلول 2022، وفي حال عدم رغبة الجانب العراقي في تجديد هذا العقد، وفي ظل الضبابية القائمة في موقف البنك الدولي لجهة تأمين التمويل الموعود لاستجرار الغاز الطبيعي من جمهورية مصر العربية إلى معمل دير عمار عبر خط الغاز العربي، وإلى حين بلورة تأمين تمويل إضافي من البنك الدولي لاستجرار الكهرباء من المملكة الأردنية الهاشمية عبر سوريا، تقترح وزارة الطاقة بصفتها سلطة وصاية على مؤسسة كهرباء لبنان، خطة طوارئ وطنية لتأمين الكهرباء 8-10 ساعات يومياً، وذلك تماشياً مع الخطة الوطنيّة للنهوض المُستدام بقطاع الكهرباء في لبنان التي أعدّتها وزارة الطاقة والمياه بالتعاون والتنسيق مع مؤسسة كهرباء لبنان والبنك الدولي والتي وافق عليها مجلس الوزراء بموجب القرار رقم 8 تاريخ 16/3/2022″.

البنود العريضة للخطة المقترحة تتلخص بالآتي:

1- تأمين التمويل اللازم لشراء الفيول من مصرف لبنان على سعر منصّة صيرفة (حوالى 130 مليون دولار في الشهر محتسبة على أساس سعر 110 دولارات لبرميل النفط BRENT) عبر:

– تأمين كتب ائتمان (LC) لضمان استيراد كمّيات الفيول لزوم تشغيل معامل الكهرباء لفترة 4 أشهر تقريباً.

– تأمين تحويل أموال الجباية العائدة لمؤسسة كهرباء لبنان إلى الدولار الأميركي عبر منصّة صيرفة، لسداد ثمن الفيول إضافة إلى مصاريف التشغيل والصيانة وقطع الغيار التي تُسدّد بالعملة الأجنبية.

2- تشغيل المعامل الرئيسية:

– دير عمار، الزهراني، المحركات العكسية في الذوق والجية بكامل طاقتها.

– بعض مجموعات معمل الذوق القديم عند اللزوم.

3- رفع تعرفة الكهرباء بالتزامن مع زيادة ساعات التغذية، ومع الأخذ في الاعتبار الفئات الفقيرة في المجتمع، عبر اعتماد طريقة للشطور مستحدثة وموقتة في عملية احتساب الاستهلاك وتطبيقها على جميع المشتركين ولحين تأمين بدائل إنتاج وتوزيع الطاقة بأقل كلفة وفق ما ورد في الخطة الوطنيّة للنهوض المستدام بقطاع الكهرباء المذكورة آنفاً، بموجب دراسة أولية مرفقة ربطاً كالآتي:

– 10 سنتات أميركية لأول 100 كيلواط/ ساعة.

– 27 سنتاً أميركياً لباقي الاستهلاك.

– تُحتسب التعرفة بالليرة اللبنانية على سعر منصّة صيرفة.

– ترتبط التعرفة بمؤشر سعر النفط العالمي.

– تصدر الفاتورة شهرياً.

– مجموع الشق الثابت من التعرفة لجميع المشتركين يعوّض الخلل المالي الناتج عن التعرفة المخفوضة لاستهلاك 100 كيلواط/ ساعة وما دون.

– تقوم وزارة المالية/ مصرف لبنان بتأمين التمويل اللازم لكميات النفط العراقي (40.000 طن غاز أويل في الشهر أي ما يعادل 38 مليون دولار في الشهر)، علماً بأن التسعيرة التوجيهية للمولدات الخاصة التي أصدرتها وزارة الطاقة والمياه عن شهر أيار 2022 تراوح بين 45 و50 سنتاً أميركياً تقريباً للكيلواط/ ساعة من ضمنها البدل الثابت.

4- إطلاق ورشة عمل وطنية بالاشتراك مع جميع الأطراف الفاعلة من وزارة الطاقة والمياه، مؤسسة الكهرباء، شركات مقدّمي الخدمات، وزارة الاقتصاد والتجارة، القوى الأمنية، وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، والسلطات المحليّة، هدفها متابعة ودفع عملية:

– خفض الهدر غير الفنّي عبر اعتماد الرقابة على عدّادات (M3) ومؤشرات الأداء (KPI) على المخارج في محطات التوزيع الفرعية وتكثيف حملات نزع التعدّيات على الشبكة،

– تفعيل الجباية لتحصيل الفواتير شهرياً من جميع المشتركين.

– جباية الفواتير من الإدارات والمؤسسات الرسمية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.

5- القيام بالاتصالات المناسبة والدائمة مع جميع المعنيّين من أجل تأمين التغطية والدعم السياسي اللازم لنجاح خطة الطوارئ هذه.

مصادر معنية في القطاع تؤكد لـ”النهار” استحالة بقاء الوضع على ما هو عليه، وتالياً لا بدّ من زيادة التعرفة، مبيّنة أن كلفة الكيلوواط من المولدات تناهز الــ50 سنتاً، أما الكلفة الحقيقية لإنتاج الكيلوواط من معامل الكهرباء على سعر 140 دولاراً لبرميل النفط فهي بين 15 و16 سنتاً. ولكن إذا اخذنا في الاعتبار نسبة الهدر الكبيرة التي تُقدّر بنحو 30% حينها سيرتفع سعر الكيلوواط في المعامل التي تعمل على الفيول أويل الى نحو 18.30 سنتاً.

ولكن هل في إمكان المواطنين وخصوصاً ذوي الدخل المحدود تحمّل هذه التعرفة؟ تؤكد المصادر أن المطروح هو وضع تعرفة 10 سنتات على الشطر الأول، وما بين 25 و30 سنتاً على الشطور العليا، وحينها لا تخسر مؤسسة الكهرباء، فيما المموّلون من الدول الأجنبية والمؤسسات الدولية لن يجدوا أي حرج في تمويل قطاع الكهرباء وخصوصاً حيال استيراد الفيول”. أما عن كيفية احتساب الفاتورة، فتقول المصادر “ستبقى التعرفة بالليرة، على أن تُحتسب شهرياً على أساس سعر برميل النفط الذي ندفع ثمنه بالدولار”.

الى ذلك، لا تجد المصادر أي مشكلة في الجباية، إذ كانت تقارب نحو 89 في غالبية المناطق”، بيد أن المشكلة في رأيه هي في الهدر الفني (30%) الناتج عن الشبكة القديمة المتآكلة والمهترئة، وغير الفنّي (السرقات والتعليق على الشبكة)، مؤكداً أنه عندما تخفّ نسبة الهدر تنخفض الأسعار، ولكن عندما تكون نسبة الهدر مرتفعة لا يمكن خفض الأسعار”.

Leave A Reply