وزارة العدل و”مجلس القضاء”: “لسنا المعطّلين”

مرلين وهبة – الجمهورية

حتى الساعة لم تعرف الاسباب الحقيقية التي دفعت بـ 45 قاضياً الى تقديم طلبات إعفائهم من مهماتهم لترؤس لجان القيد الانتخابية في مكتب مديرية شؤون القضاة والموظفين في وزارة العدل، اذ انّ المادة 40 من قانون الانتخاب المعدّل أحالت صلاحية تعيين رؤساء لجان القيد العليا والابتدائية واعضائها ومِن ضمنهم القضاة من خلال قرار يوقعه وزير الداخلية. وبالتالي، لم يتطفّل وزير العدل للاطلاع على اسباب اعتراض هؤلاء القضاة لمعالجة الاعتراضات بل فَضّل إحالتها وفق القانون المعدّل ووفق الاصول القضائية الى الوزير المختص. إلا أن المعلومات الجديدة تفيد بأن رئيس مجلس القضاء أرسلَ الى وزير العدل اسماء تكون بديلة لـ 40 قاضياً لتكليفهم المهمة نفسها، وأنّ الأخير أرسلها بدوره الى وزير الداخلية لإجراء المقتضى.

وتفيد مصادر وزارة العدل أنّ الوزير تواصَل ايضاً وفق الاصول مع رئيس مجلس شورى الدولة لاقتراح اسماء اضافية لثمانية قضاة آخرين من مجلس الشورى بُدلاء من اسماء القضاة الثمانية الذين طلبوا ايضاً اعفاءهم من المهمة نفسها، ليُرفقها بأسماء اللائحة الجديدة ويرسلها الى وزارة الداخلية فتكون بالتالي وزارة العدل ورئاسة مجلس القضاء الاعلى ومجلس شورى الدولة قد أنهَت مهماتهم فلا تعود تصوّب سهام التعطيل الاعلامية او السياسية على ادائهم او عملهم وتصبح الكرة برمّتها في ملعب وزير الداخلية.

وفي السياق، تجدر الاشارة الى انّ طلبات اعفاء جديدة اضافية يقدمها قضاة جدد آخرون لمكتب مديرية شؤون القضاة، بمعنى انّ عدد طلبات الاعفاء ما زالت تتوالى على المكتب المعني في وزارة العدل، وبالتالي سيتعيّن على مجلس القضاء اعادة ارسال اسماء قضاة اضافيين بدلاء للقضاة الجدد الذين طلبوا اعفاءهم من المهمة، بالاضافة الى اسماء القضاة الاربعين التي ارسلت منذ نحو اسبوع الى وزارة العدل، في وقت تتخوّف مصادر قضائية من لجوء القضاة الذين أرسلت اسماؤهم كبدلاء الى وزارة الداخلية الى الاسلوب نفسه فيفضّل البعض منهم تقديم طلبات اعفاء جديدة تؤزّم مهمة لجان القيد، علماً ان القانون القضائي يتيح لهؤلاء القضاة رفض المهمة وبذلك يضع هذا الاجراء وزارة العدل في وضع مُربك فيُجبرها على اعادة الكرّة، اي اعادة التعيين واعادة ارسال اللوائح بأسماء اضافية.

مجلس القضاء: «لسنا المعطّلين»

من جهة اخرى اشارت مصادر قريبة من مجلس القضاء الى انّ اداء رئاسة مجلس القضاء الاعلى في هذه المهمة صَوّب البوصلة وقطعَ الطريق على مَن حاول الايقاع بين المجلس ووزارة العدل حين اتهمت رئاسة مجلس القضاء بأنها لم ترسل اللائحة التي تضمنت اسماء القضاة المختارين وفق الاصول الى وزارة الداخلية، اي مرفقة بتواقيع كافة اعضاء الهيئة العامة اولاً، وثانياً من خلال ارسالها عبر وزارة العدل الى وزارة الداخلية، ليصوّب أداء رئيس المجلس البوصلة بنفسه بحيث أنه ارسل لائحة أسماء القضاة الجدد تحمل تواقيع كافة اعضاء الهيئة العامة للمجلس الى مكتب وزير العدل الذي أحالها بدوره وفق الاصول الى وزارة الداخلية، وذلك لقطع الطريق على البعض بعد ان رافقَ إرسال اللائحة السابقة تشويش على العلاقة بين وزارة العدل ومجلس القضاء من المصطادين في المياه العكرة بحجة انّ اللائحة لم ترسل وفق الاصول الى الداخلية.

المصادر القضائية نفسها أشارت الى السرعة التي تم بها ارسال الاسماء البديلة وذلك للدلالة الى أنّ مجلس القضاء ليس الجهة المعطلة وأن القضاء ليس ايضاً الجهة المعطلة لسير العملية الانتخابية السليم، وأن وزارة العدل ليست ايضا المعنية بالتعطيل. بل ان الكرة اصبحت اليوم في مرمى وزير الداخلية بعد ان وصلت اليها اسماء القضاة البدلاء لتعيينهم رؤساء للجان القيد الابتدائية والعليا الانتخابية.

وفي السياق نفسه اشارت مصادر رئاسة مجلس القضاء الاعلى الى أنها لم تعتمد يوماً اسلوب التعطيل بعكس ما تمّ الترويج له إعلامياً من أنها ترفض تعيين بعض الاسماء وتتمسّك بآخرين لتعيينهم في الهيئة العامة لمجلس القضاء، بل انّ كرة قضائية ايضا وصلت الى ملعب وزير المال الذي ينتظر منه تلقّفها او صدّها، واكبر دليل أن رئاسة مجلس القضاء ليست معطلة وانها رضخت للتصويت القانوني لأعضاء الهيئة العامة وتم تثبيت مَن اتهمَ مجلس القضاء بعدم رغبته بتعيينه وإقصاء مَن اراد رئيس المجلس تعيينه، وذلك للقول ان العدل ومسار وزارة العدل لا يتوقفان على اسم قاض من هنا او من هناك بل انّ العدل يتوقف على تطبيق نصوص قانون القضاء العدلي ويتم اللجوء اليه واتباعه في الملفات المفصلية ولو لم تُلائِم تلك الاصول رغبات البعض وحتى إن لم تكن منصفة في حق بعض القضاة.

وزارة العدل تستمهل وزير المال

من جهتها، أسفت وزارة العدل لعدم توقيع وزير المال حتى الساعة التشكيلات الجزئية، ففضّل وزير العدل التكتّم عن اسباب عدم هذا التوقيع قبل مراجعة وزير المال للإستيضاح عنها، خصوصاً ان هذه التشكيلات الجزئية طالَ انتظارها. علماً أنها، وفق معلومات «الجمهورية»، ستحظى بتوقيعَي رئيسي الجمهورية والحكومة فور تسلّمها من وزارة المال، إلا أن وزير المال، بحسب مصادر مطلعة، لديه اسبابه التي اعلن عنها وما زالت مجهولة ويعتبرها جوهرية بانتظار ان تتبلور هذه الصورة لوزير العدل في الايام القليلة المقبلة، ليُبنى على الشيء مقتضاه.

وفي هذه الاثناء، تترقّب وزارة العدل ومجلس القضاء الاعلى والمعنيون والمواطنون واهالي شهداء 4 آب والاعلاميون قرار وزير المال وتوقيعه قبل توجيه سهامهم علناً وبلا مواربة الى الجهة الحقيقية المعطّلة لسَير العدل والعدلية والعدالة.

Leave A Reply