زيادة رسوم الامتحانات الرسميَّة للتعليم المِهني.. والفرّوج لـ10 طلاّب

عزة الحاج حسن – المدن

تنصّلت وزارة التربية من مسؤولياتها تجاه قطاع التعليم المهني والتقني في لبنان، حين تركت مديرية التعليم المهني والتقني عاجزة عن تأمين أبسط احتياجات الطلاب. وتخاذلت قبلها وزارة المال، حين استثنت قطاع التعليم الرسمي برمته من نفقات قد تسد رمق مؤسسات لا تنفق عليها الدولة سوى الفتات، وهو ما ترجمته موازنة 2022 التي يغيب عنها قطاع التعليم المهني من أي مخصّصات.

وليس في القطاع التربوي الرسمي في لبنان من مؤسسات أسوأ حالاً من مدارس ومعاهد التعليم المهني، وعددها 159، تمول نفسها من لا شيء، وتعزز تمويلها اليوم من جيوب طلاب اختار ذويهم التعليم الرسمي، لعدم قدرتهم على تحمّل تكاليف التعليم الخاص، لتفاجئهم مديرية التعليم المهني والتقني اليوم، برفع قيمة رسوم الامتحانات بنحو 6 إلى 7 أضعاف ما كانت عليه.

زيادة رسوم الامتحانات

أصدرت مديرية التعليم المهني والتقني قراراً رسمياً موقعاً من وزير التربية عباس الحلبي، يقضي بزيادة رسوم الامتحانات الرسمية في التعليم المهني من 85 ألف ليرة إلى 600 ألف ليرة للإجازة الفنية LT، ومن 75 ألف ليرة إلى 500 ألف ليرة للإمتياز الفني TS، ومن 65 ألف ليرة إلى 400 ألف ليرة للبكالوريا الفنية BT، ومن 60 ألف ليرة إلى 400 ألف ليرة للثانوية المهنية DS، أما التكميلية المهنية BP وامتحان الدخول BP1 والتأهيلية الفنية BT1 فارتفع سعر الامتحان فيها من 50 ألف ليرة إلى 300 ألف ليرة، والمشرف الفني أصبح 500 ألف ليرة.

يبلغ العدد الإجمالي لطلاب التعليم المهني والتقني في لبنان نحو 106 آلاف طالب يتوزع 66 ألف طالب منهم على 159 معهداً ومدرسة مهنية وفنية رسمية، ونحو 40 ألف طالب في 259 معهد ومدرسة مهنية وفنية خاصة.

لم يُحسم عدد الطلاب المتقدمين للامتحانات الرسمية بعد، فالأرقام تختلف من عام لآخر. أما العدد التقديري للطلاب الذين سيتقدمون إلى الامتحانات الرسمية هذا العام، فيبلغ نحو 10 آلاف طالب. ما يعني أن مديرية التعليم المهني ستجبي من الطلاب كمعدل وسطي نحو 5 مليارات ليرة، فكيف سيتم إنفاق هذه الأموال؟ وما هي خلفية زيادة رسوم الإمتحانات الرسمية؟

لا مردود مالياً

توضح المديرة العامة للتعليم المهني والتقني بالتكليف، هنادي برّي، في حديث إلى “المدن”، أن زيادة رسوم الامتحانات الرسمية تمت بناء على احتساب التكاليف المطلوبة لإجراء الامتحانات فقط، “فلا مردود مالياً على الإطلاق للمعاهد والمدارس الفنية في لبنان، ولا مخصصات مالية من الجهات الرسمية، والمعاهد والمدارس الفنية تعمل باللحم الحي بكل ما للكلمة من معنى” تقول برّي، “فلا أحد يهتم في لبنان بالتعليم المهني والتقني، ووزير التربية في الحكومة السابقة سعى للحصول على مساعدات ومنح ودعم للمدارس الأكاديمية الرسمية فقط، من دون أن يلحظ أي تقديمات للمدارس والمعاهد الفنية الرسمية. أما وزير التربية في الحكومة الحالية، فأمّن مادة المازوت فقط لمقر المديرية العامة للتعليم المهني والتقني بعد توقفها عن العمل، لعدم توفر المازوت”، وتجزم برّي بأن الامتحانات الرسمية لم تكن لتحصل ما لم تتأمن تكاليفها، خصوصاً في ظل العجز المالي الواقع في قطاع التعليم المهني “إذ وحتى اللحظة لم يتم سداد مستحقات الأساتذة عن امتحانات العام الماضي”.

كل مستلزمات المدارس الفنية والمعاهد التقنية الرسمية بما فيها المازوت والورق والأدوات الخاصة بالمدرسة الفندقية واختصاصات الكهرباء والميكانيك والإلكترونيك وغيرها، يتم تأمينها من مداخيل المعاهد الرسمية فقط. وتوضح برّي أن هناك 70 اختصاصاً في المعاهد الفنية والتقنية الرسمية على 6 مستويات، وكل اختصاص يخضع فيه الطالب لنحو 10 مسابقات كمعدل وسطي، وكل مسابقة تستلزم ورقاً ومواداً أولية ترتبط بالاختصاص. فكيف بنا أن نجري امتحانات من دون تمويل؟

10 طلاب على فروج

تغيب وزارة التربية بشكل شبه كلّي عن الاهتمام بالقطاع المهني والتقني، فكيف يمكن أن يتلقى طلاب باختصاص الفندقية تعليمهم كما يلزم في ظل غياب المواد المطبخية؟ وكيف يمكن لطالب باختصاص الكهرباء أن يتعلّم من دون مواد تقنية؟ هذه الأسئلة طرحها أحد أساتذة المدرسة الفندقية الرسمية، وقال في حديث إلى “المدن” كنا في السابق حين كان سعر الفروج نحو 10 آلاف ليرة، نعلّم طلاب الفندقية بمعدّل طالبين لكل فرّوج في دروسهم التطبيقية. أما اليوم فبات سعر الفروج أكثر من 70 ألف ليرة وبتنا مُلزمين بتعليم بين 10 و15 طالب على فروج واحد. وهذا أمر غير مقبول. متسائلاً كيف يمكننا تأمين المواد في ظل غياب الموارد المالية.

وكما طلاب الفندقية كذلك طلاب الاختصاصات التقنية، فشريط الكهرباء البالغ طوله من 6 إلى 7 أمتار يتم التعليم عليه لأكثر من 10 طلاب وأحياناً 15 طالباً، فأصبح التعليم الحضوري بالغ الصعوبة في ظل ارتفاع اسعار المعدات والمواد، في مقابل غياب التمويل المالي.

تنفق المعاهد المهنية والمدارس الفنية من إيراداتها من الطلاب، فتحوّل كافة الإيرادات إلى الصندوق الداخلي في المديرية، ثم تقوم الأخيرة بتوزيعها على المعاهد ذات الاحتياجات، في حين تلعب الوزارة دور المتفرج. ولا يقتصر تجاهل وزارة التربية لحاجات الطلاب في التعليم المهني، بل ينسحب أيضاً على الأساتذة الذي يتم حتى اللحظة حرمانهم من أي زيادات على الرواتب أسوة بزملائهم في التعليم الأكاديمي الرسمي، الذين تقاضوا زيادات بقيمة 90 دولاراً على رواتبهم منذ نحو 3 أشهر.

أما لجهة رسوم امتحانات المدارس الرسمية الأكاديمية (الشهادة المتوسطة والبكالوريا) فمن المتوقع أن يتم زيادتها بنحو 10 أضعاف عما هي عليه اليوم، أي بمعدل 200 ألف ليرة للشهادة المتوسطة و400 ألف ليرة للبكالوريا، بانتظار أن يتم إصدار قانون فيها. فالتعليم الأكاديمي لا يمكن تعديل رسوم الامتحانات فيه بقرار على غرار التعليم المهني، إنما يستلزم إصدار قانون عن مجلس النواب.

Leave A Reply