المبادرة الفرنسية إلى الضوء ودعم كامل للمرحلة الإنتقالية

وفق ما كان متوقعاً، فقد أتت نتائج الزيارة الخارجية الأولى لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، متطابقة، ولو بشكل جزئي، مع الإتجاهات الخارجية التي يعبّر عنها أكثر من مسؤول غربي وعربي حول المقاربة للواقع اللبناني، وتحديداً لجهة الدعم المالي على وجه الخصوص، إذ أن مصادر سياسية واسعة الإطلاع، اعتبرت أن ما خلصت إليه المواقف المعلنة من الرئيس إيمانويل ماكرون، أكدت بوضوح أن الشروط الدولية التي جرى الإعلان عنها في أكثر من زيارة وزير الخارجية الفرنسي لبيروت جان إيف لودريان، من أجل استعادة زخم المساعدات الموعودة سواء عبر مؤتمر سيدر أو غيره، ما زالت قائمة، وظروفها لم تخضع لأي تعديل، وذلك، بصرف النظر عن الترحيب والإرتياح الدولي لخطوة تأليف الحكومة الجديدة.

وإذا كان ما أمله رئيس الحكومة، كما اللبنانيين، حسبما كشفت الأوساط، هو انعقاد مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان من أوضاعه المالية والإقتصادية المتهاوية، فإن هذا الطموح لم يتحقّق، لأن الرئيس ماكرون والرئيس ميقاتي، اتفقا على أن المعبر الإلزامي إلى أي مؤتمر من هذا النوع، وقادر على حمل الحلول الجذرية للأزمة اللبنانية، ما زال غير متوافر حتى الآن، وهو مرهون بما ستقوم به الحكومة الجديدة في المرحلة المقبلة. وأوضحت، أن الهدف الأساسي اليوم لدى المجتمع الدولي هو انتظام عمل المؤسّسات الدستورية بعد أشهر طويلة من الشلل، مع العلم أن المقاربة الفرنسية بشكل خاص، تنطلق من رعاية المرحلة الإنتقالية بانتظار حلول موعد الإنتخابات النيابية، والتي يتحضّر لها كل الأطراف اللبنانية من أجل تحقيق التغيير المطلوب على أكثر من مستوى.

ومن ضمن هذا السياق، فإن البارز في ما تحقّق على صعيد زيارة الرئيس ميقاتي الباريسية، هو استعادة المبادرة الفرنسية والتي أعادها الرئيس ماكرون إلى الأضواء، كما أكدت الأوساط السياسية نفسها، وبالتالي، فإن باريس لم تتخلَّ عن حزمها بالنسبة للإصلاحات الضرورية، والتي بات اللبنانيون شعباً وحكومة يطالبون بها اليوم وأكثر من أي وقت مضى.

فهل سيتمكّن الرئيس الفرنسي اليوم من تحقيق مبادرته الإنقاذية، والتي شهدت تحوّلات بارزة على صعيد طبيعة الحكومة التي جرى تشكيلها أو ما تضمنه البيان الوزاري من خطط لمعالجة الأزمات؟ على هذا السؤال، تُجيب الأوساط نفسها، بأن الرئيس الفرنسي لن يتخلّى عن لبنان، وسيبقى مستمراً في العمل على حشد الدعم الدولي له، لكنه في المقابل، لن يوافق على أية مماطلة في تحقيق مبادرته الإنقاذية والتي يسعى اليوم إلى استعادة مضمونها، بعدما كانت لفترة طويلة معلّقة بفعل الخلافات السياسية.

ومن الواضح، وكما تشير هذه الأوساط، أن الدعم الإنساني من فرنسا كما من قبل المجتمع الدولي، لن يتوقف في المرحلة المقبلة، ولكن من دون أن يعني ذلك فتح باب المساعدات المالية الدولية بعدما بات الأطراف الخارجية أكثر حذراً في ظل الوقائع والمعطيات على صعيد الإنهيار المالي والإجتماعي والإقتصادي.

Leave A Reply