مراكز التلقيح بلا كهرباء: تلويح بوقف العمل وحياتكم بخطر

وليد حسين – المدن

هل بات على مدراء المستشفيات الذهاب إلى المحطات لتعبئة غالونات مازوت لمستشفياتهم، كي لا يموت المرضى اختناقاً؟ وهل على مدراء مراكز التلقيح الوقوف بالطوابير لتأمين المازوت، لقاء الخدمات المجانية التي يقومون بها لتلقيح اللبنانيين؟ فما هو حاصل اليوم تخطى العيب والفضيحة، وبات جريمة موصوفة بحق جميع اللبنانيين.

صرخة أبيض السوداء

وشكا مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس أبيض قائلاً: “كيف لمستشفى أن يستعد للعمل في ظل انقطاع التيار الكهربائي لمدة 26 ساعة أو أكثر؟ من المسؤول عن خسارة في الأرواح تنجم عن ذلك؟ لا يمكن للسلطات ادعاء الجهل بما يجري”. وأضاف: “أرسلت رسائل إلى المعنيين، واطلقت صرخة في الإعلام، فما الذي يمكن فعله أكثر؟ أليس من نهاية لهذا الظلام؟ خلص بقا، تعبنا”.

من هو المسؤول عن هذه الكارثة الإنسانية؟ لماذا لا تؤمن الكهرباء للمستشفيات؟ أو أقله لماذا لا يؤمن المازوت لمولدات الكهرباء؟ وهل يستمرون بشفقة تأتي من الجيش اللبناني، أو من رحمة شركة محروقات من هنا أو هناك؟ هل يدرك المسؤولون أن إعلان إلغاء ماراتون اللقاحات والتوقف عن التلقيح اليوم وغداً، هو بمثابة إضراب تحذيري غير معلن؟

بالنسبة لأبيض: “كل شخص معني بالكهرباء وبالمحروقات في البلد، يتحمل مسؤولية هذه الكارثة”. ويسأل عبر “المدن”: “هل بات على مدير المستشفى الهرولة لتأمين المازوت؟ أم عليه العمل لتأمين الأدوية والأطباء للاعتناء بالمرضى؟ هذه من البديهيات في أي بلد في العالم”. لكن من يسمع؟”

وزارة الصحة وأوجيرو

وزارة الصحة الغت ماراتون أسترازينيكا وفايزر اللذين كانا مزمعين اليوم السبت 10 تموز، بسبب انقطاع شبكة الإنترنت والتيار الكهربائي عن معظم المراكز. وطمأنت الوزارة أن المواعيد المحددة ترجأ تلقائياً إلى الأسبوع المقبل، على أن تعاود جميع المراكز العمل بشكل طبيعي يوم الإثنين.

وإعلان وزارة الصحة وقف الماراتون للأسباب الآنفة، استنفر مدير عام هيئة “أوجيرو” عماد كريدية لرد أي تهمة، معلناً أن الأنترنت مؤمنة. وعلل في تغريدة بأن “انقطاع الإنترنت في مراكز التلقيح هو نتيجة. أما السبب الوحيد فهو انقطاع الكهرباء عنها وافتقادها مادة المازوت لتشغيل مولداتها إن وجدت”. وأضاف: “بمعزل عن إصرار البعض على تحميل أوجيرو ذنباً لم تقترفه، فالهيئة مستعدة لتزويد مركز التلقيح في مستشفى رفيق الحريري بالكهرباء يومي السبت والأحد القادمين عبر مولداتها في مركز بئر حسن، في حال فشل المعنيون القيام بواجبهم بتزويده بها”.

حملة التلقيح مهددة

لكن المشكلة أعقد من تأمين الكهرباء. مصادر مطلعة على حملة التلقيح أكدت لـ”المدن” أن مراكز التلقيح تتكفل بكل المصاريف التشغيلية من دون أي مقابل. وتقدم المستشفيات وعياداتها وأطقمها الطبية والكهرباء والإنترنت والموظفين، بلا أي مقابل مادي منذ انطلاق حملة التلقيح (يدفع البنك الدولي ثمن الحقن، التي تستخدم في عملية التلقيح، وكان يفترض أن يساهم ببعض التكاليف المتعلقة بالموارد البشرية). فماذا ينتظرون منها بعد؟ لقد استنزفت كل قدراتها لتقديم هذه الخدمة الإنسانية. فهل بات المطلوب منها تأمين المازوت من السوق السوداء؟ وهل تستطيع الاستمرار بتشغيل مولدات الكهرباء؟ وهل تستطيع تكبد مصاريف إصلاح الأعطال؟ ألا يفترض أن تكون كهرباء الدولة مؤمنة لها؟ المسؤولية تبدأ من الحاكم بأمر اللبنانيين رياض سلامة، وصولاً إلى كل المسؤولين في وزارة الطاقة، مروراً بوزارة الصحة، التي عليها وضع مخطط مستدام للعمل مستقبلاً.

لا خوف على فساد اللقاحات في ظل انتشار وباء كورونا من جديد. فقد طمأن أبيض في تغريدة أن “اللقاحات آمنة. يتم دعم الثلاجات التي تخزن فيها بواسطة مولدين منفصلين و UPS بطاقة عمل 8 ساعات. وتتم مراقبة درجة الحرارة بشكل مستمر داخليًا وخارجيًا. واللقاحات آمنة”.

ربما ليس من المبكر الحديث عن إمكانية الوصول إلى مرحلة فساد اللقاحات، في ظل انقاطع التيار الكهربائي. لكن ما لم يقله القيمون على مراكز التلقيح هو أن صحة اللبنانيين باتت بخطر في حال لم يتم تدارك الصعوبات المحيقة بعملهم. لا يريد القيّمون على المراكز التهويل على اللبنانيين، في ظل المأساة التي يعيشونها. من غير اللائق أخلاقياً وإنسانياً رفع الصوت وقول الأمور كما هي: إعلان إيقاف ماراتون التلقيح هو بمثابة إضراب تحذيري لرفع الصوت. تركوا الأمر لوزارة الصحة أن تصدر ذاك البيان المفاجئ مساء أمس الجمعة. لكن على المسؤولين قراءة ما خفي في بيان: حملة التلقيح بخطر في حال عدم تدارك المأساة المقبلة علينا.

مازوت لأسبوع

وفي سياق متصل بأزمة انقطاع التيار الكهربائي، نفت إدارة مستشفى رفيق الحريري الجامعي ما يتم تداوله في بعض وسائل التواصل الاجتماعي عن وفيات في المستشفى نتيجة انقطاع الكهرباء. وطمأنت في بيان أن المولدات المقدمة كهبة من الوكالة الفرنسية للتنمية، عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومن دولة النرويج، تعمل بشكل جيد وتلبي حاجات المستشفى. وتم تزويده بكمية من المازوت اليوم تكفيه لمدة أسبوع وتساعده على الاستمرار بتأدية واجباته تجاه المرضى والمواطنين دون أن يضطر إلى إغلاق بعض أقسامه.

ولفت البيان إلى أن المستشفى عانى، كما باقي المستشفيات الحكومية وغير الحكومية، من تقنين شديد في الكهرباء وصل إلى أكثر من 21 ساعة في اليوم، مما استدعى إلى استخدام 7 مولدات كهرباء، من ضمنها المولد الذي يغذي برادات اللقاحات. وكرر طلبه من وزير الطاقة الموافقة على استثناء المستشفى من التقنين القاسي للكهرباء حتى يتمكن المواطن من إيجاد الأمان والرعاية اللازمة للحفاظ على سلامته.

Leave A Reply