الخميس, مايو 23
Banner

ما الحل القانوني لتعديل حدود لبنان البحرية الجنوبية؟ ـ د. خضر ياسين

قامت الدولة اللبنانية بتعيين حدود منطقتها الإقتصادية الخالصة، في جهاتها الثلاث، شمالآ مع سوريا، وغربآ مع قبرص، وجنوبآ مع فلسطين المحتلة، حيث حددت مع الأخيرة حدودها بالخط المعروف والممتد من النقطة (١٨) حتى النقطة (٢٣) في المياه البحرية. وحدود هذه المنطقة أقرها المجلس النيابي بموجب القانون رقم (١٦٣) تاريخ (٢٠١١/٨/١٨)، والذي نص في المادة (١٧) منه على أن يتم تعيين حدود المناطق البحرية بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وتطبيقآ لذلك اتخذ مجلس الوزراء بتاريخ (٢٠١١/١٠/١) المرسوم رقم (٦٤٣٣) المتعلق بتحديد حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان، وعيّن بموجبه إحداثيات نقاط الحدود البحرية لهذه المنطقة، وتم إبلاغ ذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ (٢٠١١/١٠/١٩)، لأن المادة (٧٥) من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام (١٩٨٢) تنص على واجب الدولة إيداع الأمين العام للأمم المتحدة خرائط وقوائم الإحداثيات الجغرافية لهذه الحدود. كما أن الدولة اللبنانية احتفظت لنفسها بمراجعة هذه الحدود وتعديل الإحداثيات في حال توافر معطيات أكثر دقة، وفي ضوء المفاوضات مع الأطراف المجاورة لها. من جهة ثانية رسم العدو الإسرائيلي الحدود مع لبنان من النقطة(٣١) حتى النقطة (١) في البحر، ومن خلال هذا التحديد، قضم العدو الإسرائيلي مساحة (٨٦٠) كلم٢ من المياه اللبنانية دون أي وجه حق.لكن في العام (٢٠١٨) ونتيجة قيام مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني بتنفيذ مسح للخط اللبناني الذي تم تحديده سابقآ، ظهرت معطيات أكثر دقة، وانطلاقآ من حق لبنان بتعديل حدوده البحرية استنادآ إلى هذه المعطيات الأكثر دقة، تم إعادة ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية، حيث أضيفت مساحة (١٤٣٠) كلم٢ الى المياه اللبنانية، وبالتالي يصبح حق لبنان في المياه الجنوبية على النحو التالي: مساحة (٨٦٠) كلم٢ التي قضمها العدو الإسرائيلي دون وجه حق، يُضاف إليها مساحة (١٤٣٠) كلم٢، فيصبح حق لبنان (٢٢٩٠) كلم٢، وهذا يعني ان البلوك (٧٢) المعروف بحقل (كاريش) الذي يدعي العدو الإسرائيلي ملكيته وأحقيته فيه، يكون (٩٥)% منه واقعآ ضمن المياه اللبنانية.فما هو الإجراء القانوني اللازم والضروري والمستعجل للمحافظة على حقوق لبنان وثرواته الطبيعية؟ لقد أثبت فريق التفاوض اللبناني خلال جولات المفاوضات التي أجريت في مركز قوات الأمم المتحدة في الناقورة، المنطق القانوني، والحجة الدامغة والموثقة علميآ وعمليآ وتقنيآ، متسلحآ بقواعد القانون الدولي والإتفاقيات الدولية، وكان موقف فريق التفاوض واضحآ وثابتآ، وهو التفاوض من أجل تحصيل الحقوق السيادية للدولة اللبنانية، من خلال الحصول على مساحة إضافية قدرها (١٤٣٠) كلم٢ تُضاف إلى مساحة (٨٦٠) كلم٢، وهذا موقف وطني بامتياز، نابع من القناعات الوطنية الراسخة بعدم التخلّي عن حقوقنا السيادية مهما كانت الضغوطات، وهو منطق الحق، والقانون، والعلم، والتاريخ، والجغرافيا. ومن الضروري، بل من الواجب الوطني والدستوري، تقويته ودعمه من قبل السلطات السياسية المعنية، أي المجلس النيابي والحكومة، وإلاّ يفقد قوته، ومضمونه، وأهميته، ونكون أمام تناقض بين موقفي فريق التفاوض والسلطة السياسية، فيضيع حق (أصحاب الحق). إنطلاقآ مما تقدم يوجد طريقان فقط لتعزيز موقف فريق التفاوض وتقويته، وهما على النحو التالي: أولاً، وفقآ للفقرة(٣) من المادة (٦٩) من الدستور، المجلس النيابي حاليآ هو حكمآ في دورة إنعقاد إستثنائية بسبب إستقالة الحكومة، فيمكن تقديم إقتراح قانون معجّل مكرر، يتم توقيعه من نائب واحد أو أكثر لغاية عشرة نواب، يُطلب فيه مناقشة الإقتراح بصورة الإستعجال ويكون مؤلفآ من مادة وحيدة فقط وهي تعديل حدود المنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان وفقآ للإحداثيات الجديدة التي حددها الجيش اللبناني.وعند إقرار هذا القانون يصبح لاغيآ كل نص مخالف له، مما يستدعي على الحكومة أن تجتمع، فيصدر مرسوم بسحب المرسوم (٦٤٣٣)، ومرسوم آخر بتحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان وفقآ لتلك الإحداثيات وتبلغه مجددآ إلى الأمين العام للأمم المتحدة. ثانيآ، وفقآ للفقرة(١٢) من المادة (٥٣) يمكن لرئيس الجمهورية دعوة مجلس الوزراء للإنعقاد إستثنائيآ في حال الضرورة بالإتفاق مع رئيس الحكومة، كذلك يمكن لمجلس الوزراء أن ينعقد بدعوة من رئيس الحكومة وفقآ للفقرة (٦) من المادة (٦٤) من الدستور، وبالتالي تجتمع الحكومة مباشرة، حتى ولو كانت مستقيلة، لأن الموضوع طارئ وضروري جدآ وفي ظرف إستثنائي، وقبل كل شي سيادي بإمتياز، فيصدر مرسوم بسحب المرسوم (٦٤٣٣)، ومرسوم آخر بتحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة للبنان وفقآ للإحداثيات الجديدة، ثم تبليغه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، واستنادآ للمادة (٥٤) من الدستور يكون موقعآ من رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير أو الوزراء المختصين(وزيرة الدفاع/ وزير الخارجية….). إن الوقت ليس في مصلحة الدولة اللبنانية، والموضوع لا يحتمل التأجيل أو الإهمال أو التجاهل أو التغاضي أو التلكؤ، بل يحتاج إلى قرار وطني سريع وشجاع يأخذ في عين الإعتبار فقط مصلحة الدولة العليا وحقوق مواطنيها، كي يتمكن فريق التفاوض بالتمتع بفائض من القوة.

Leave A Reply