على مشارف عامٍ.. مرّت أوجاع وآلام اللبنانيين.. من شماله الى جنوبه مرورًا بعتبة كل بيت.. هناك كانت المعاناة والأنين.. فقر مدقع وأحوال تتدهور يومًا بعد يوم الى أن انفجر الشارع بصرخة ألم أن لا رضوخ بعد الآن ولا مشاهدة للأوضاع المتردّية بل هناك مواجهة من أجل تحقيق المراد.. والهدف عيش كريم دون ذل..
بدأ الغمار وخوض التحديات ونُصبت الخيم في كل مكان.. وبعدها شهدنا انحرافًا في المسار ولم تتغيّر الأوضاع بل ساءت الأحوال ولم يعد شيء كما كان.. بل من أزمة الى أخرى والصعوبات تتزايد.. وفي هذه المرّة ما طلع الحق على “الطليان” إنما على من أطلقوا على أنفسهم “ثوّار”.
بدأ إنهيار سعر صرف العملة المحليّة وارتفعت أسعار المواد الغذائية واحتكرت المحروقات مرورًا بتقنين الكهرباء وتهديد بانقطاع أدوية أساسيّة وما زاد الطين بلة اقتحام جائحة كورونا البلاد ووصلت الأزمة الى القطاع الصحي، حتى لامست كل القطاعات حافة الإنهيار بل تعدتها بأشواط.. وباتت أبواق الجوع تدقّ من كل الجهات والحلول بعيدة المنال..
كل هذه الصعاب وهمّ البعض كيف يحافظ على خيمة المناجاة التي لم تنجيه يومًا وكانت مجرّد عائق لواجهة مدينة عريقة كمدينة صور السياحية.
عام مّر على نفس الحال وخيمة المحتجّين على مستديرة “إليسار” في ساحة “العلم” في مدينة صور باتت مقرًا لمحتسي القهوة ومحطة لجلسة النرجيلة وسهرات الترفيه في عزّ الأزمة، ناهيك عن إستنزاف للقوى الأمنية من جيش ومخابرات ومعلومات بعتادهم وعديدهم على مدار الساعة في حرّ الشمس وبرد الشتاء لتأمين الحماية لشخص أو إثنين ضاقت بهم السبل فناموا في خيمة “الدوار” حيث لم يعترضهم أحد من الثنائي الوطني كما يدّعي بعض المتفلسفين والمتسلقين والذين يقتاتون على الأكاذيب، بل كانوا العين الساهرة الخافية عن الأنظار لحماية حرية التعبير في مدينة التعايش والوحدة الوطنية، في الوقت الذي كان من الممكن أن يُظهر الدوار المحتجز مشهدًا طبيعيًا يريح نفسية قاصدي المدينة بخضاره وزرعه المعتاد خصوصاً مع قرب حلول عيد ميلاد السيد المسيح (ع) حيث تلبس الساحة ثوبها الأحمر الوردي وتنتصب على جانبها شجرة الميلاد والتي تبشرنا بقدوم عام جديد علّه يحمل لنا الأمل بغد أفضل.
هو ليس قمع للحراك إنما لفتة لمنفعة بدل الخراب والتشويه الذي نشهده في ظل جمود حركتهم، ودليلنا على حسن النيّة هو أننا لا نعترض على تواجدهم داخل ملكيّة خاصة في مكان لا يشكل وجودهم عرقلة من أي ناحية كانت.. فلينتظروا بسلام بعيدين غير معرقلين إلى أن تتحقق أمانيهم البعيدة المنال في بلد أضحى جليّ فيه حساب التوازنات التي تجنبه الفتن ويخضع لمنطق التسويات.
وإلى بلدية صور والقوى الأمنية نقول لقد إختبرنا رحابة صدركم ومدى صبركم وسعة قلوبكم، ولكن من أجل هيبتكم ومقامكم.. أعيدوا للدوار خضاره وللساحة نقاءها والسلام..