في اطار الجولات التي يقوم بها وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى في مدينة الفيحاء بمناسبة طرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024 حل ضيفًا على مطعم الدنون وكان في استقباله الدكتور بلال عبد الهادي صاحب مبادرة “استحلي وخود” التي أطلقها قبل ثلاثة أعوام، ووزع خلالها أكثر من خمسة آلاف كتاب بالمجان من مكتبته الشخصية.
وقد توقفت المبادرة لفترة ويتم الاستعداد لإعادة إطلاقها من جديد.
وبعد اللقاء كتب الدكتور بلال عبد الهادي :”هذا أوّل لقاء شخصيّ لي مع معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى…
كان اللقاء الأوًل معه منذ سنتين تقريباً..
كان لقاء صوتيّاً ، مباغتاً، ومفاجئاً وجميلاً… أثناء مبادرتي #استحلي_وخود في توزيع الكتب مجّاناً في مطعم والدي رحمه الله، أقصد مطعم الدنّون الذي أسّسه والدي في العام ١٩٤٩ على جسر السويقة في طرابلس العتيقة.. قبل أن ينتقل إلى منطقة التلّ في شارع جبران خليل جبران في العام الذي ولدت فيه أي في العام ١٩٥٩..
كنت في المطعم، فرنّ الهاتف ، وإذا بصوت أنثويّ يقول لي بعد التسليم: معالي وزير الثقافة القاضي محمّد وسام المرتضى يريد التحدّث معك، تفاجأت حقيقة، كانت مفاجأة لا أفقه لها معنى..
ماذا يريد منّي وزير الثقافة ولم تكن تربطني به أي سابق معرفة، أو لقاء، أو اتصال…لحظات الانتظار كانت لحظات.. ولكنها لحظات تشبه اللحظات المناميّة.. اللحظة المناميّة لحظة مكثّفة، وموجزة، قد يعرض المنام أمام ناظريك شريطاً يمتدّ إلى عشرات السنوات في لحظات.. وكأنّ المنام مركبة الزمان التي ابتكرها ويلز.. أو كأنّ المنام هو البعد الثالث الذي تحذّث عنه أينشتاين في مفهومه عن النسبيّة…
جاءني صوت الوزير لطيفاً، مهذّباً، هادئاً، شاكراً لي مبادرتي في توزيع الكتب ، ثمّ قال لي: باب مكتبي مفتوح لك في أيّ ساعة تريد حين تكون في بيروت…
وانتهى الحديث الذي لم يستغرق إلاّ دقائق معدودات… كانت لذيذة الوقع على نفسي، وكانت كاملة الدسم، ودعوته إلى زيارة مطعم الدنّون ووعدني بزيارة خاصّة لي إلى المطعم، ولقد أنجز الوعد اليوم إنجازاً جميلاً…
جاء برفقة عقيلته السيّدة القاضية مايا كنعان، والأستاذ المهندس سعيد الحلاّب الذي أعرفه منذ أيّام طفولتي، فأغلب آل الحلاّب الأفاضل كانوا من سكّان التلّة الجميلة المشرفة على مدينة طرابلس من علُ وقصدت أبو سمراء… وبرفقتهم صديقي العزيز الدكتور باسم بخّاش الذي تتوطّد علاقتي به يوماً بعد يوم.. وهو ناشط اجتماعيّ متفانٍ في ميادين شتّى علميّة وأدبيّة.. واجتماعيّة ، وخدماتيّة ، وهو الذي بثّ في نشاطات قصر نوفل الخامل روحاً ثقافيّة عالية فدبّت في شرايينه حيويّة باذخة…
كانت جلسة تعارف ممتعة تعدّت النصف ساعة تخلّلتها أحاديث ثقافيّة ، واجتماعيّة، وإنمائيّة، كما تناول الحديث الصراع الدائر حول نسب صحن الحمّص، وآمل أن يحرج لبنان من حرب الحمّص منتصراً ، مظفًرا، واستشهد معالي الوزير بالمؤرّخ الألمعيّ شارل حايك الذي استفاض في الحديث والدفاع عن انتماء الحمّص إلى ابعرب وليس إلى لصوص الأراضي والرموز أبناء النجمة الزرقاء.
ولقد وعدني معالي الوزير الجنتلمان بزيارة ثانية ، تكون زيارة طعام وكلام ، وأنتظر زيارته الثانية في صحبة عقيلته القاضية مايا كنعان ، وسأعمد إلى تحضير كلّ الأطباق بيديّ…
لم يكن اليوم بيننا « خبز وملح »، ولكن كان بيننا « كوكيز الحمّص، والحمّص بالشوكولا»، كما كان لي ، في ختام اللقاء الدسم والجميل، شرف تقديم نسخة من كتابي الجديد #من_الصفر، ونسخة من الكتابين السابقين: لعنة بابل، والكتابة على جلدة الرأس.
أتيت أهلاً، ونزلت سهلاً حضرة معالي وزير الثقافة القاضي محمّد وسام المرتضى..
وإلى الملتقى بإذن الله
فأعرف أنّ زياراتك في هذا العام بسبب اختيار طرابلس عاصمة الثقافة العربيّة كثيرة لإنجاح عاصمة الشمال في مهامّها الثقافيَة…”
بالمقابل كتب المرتضى على حسابه على مواقع التواصل:” الدكتور عبد الهادي أستاذ جامعي ومربٍّ وكاتب… كلها صفات تصدق فيه. لكن أفضلَ أمره أنه حالة ثقافية مميزة على صعيد لبنان، بل العالم العربي كله، لا بالتعليم والكتابة فحسب، بل بجعله من المطعم الذي أسّسه والده في طرابلس محطةً لنشر الثقافة عبر مبادرة “استحلي وخود” التي كان من خلالها يوزع الكتب مجانًا على قاصديه لتناول صحن حمص أو فول. “
واضاف المرتضى:”وها هو اليوم يبتكر مبادرة جديدة: أوراق السندويش في مطعم الدنون أصبح مطبوعًا عليها نصوص لجبران خليل جبران. هكذا تنبسط في وقت واحد أمام كلّ زبون مائدتان من طعام وأدب تقدَّمان معًا.”