الأربعاء, مايو 29
Banner

من أراد الإطاحة بوزارة الطاقة وجبران باسيل؟

كتب خضر حسان – المدن : وَضَعَ وزير الطاقة الأسبق، جبران باسيل، خارطة طريق للتغلغل إلى قلب مؤسسات الدولة وبناء امبراطوريته الخاصة، انطلاقاً من وزارة الطاقة. أوهَمَ باسيل الجميع أن قطاع الطاقة سيزدهر على يديه، وقَدَّمَ لضمان ازدهاره، ورقة سياسة القطاع، وأطلَقَ أعماله في الوزارة منذ العام 2010. وبعد نحو 10 أعوام، تراجعت الطاقة وتقدّمَت المشاريع الخاصة، وعلى رأسها بواخر الطاقة ومقدّمي الخدمات.

شمّاعة العرقلة

كلّما جرى الحديث عن واقع قطاع الطاقة وترهّله وعدم الإفادة من المشاريع التي أطلقها باسيل وتابعها وزراء الطاقة المتعاقبين، والمنتمين إلى التيار الوطني الحر، والذين يعملون تحت راية باسيل، كلّما ازداد مستوى الاتّهام بالعرقلة. أي أنَّ باسيل أراد تطوير القطاع، وخطته مرسومة للنجاح المحتَّم، لكن هناك مَن يعرقل التنفيذ.

حركة أمل هي السد المنيع أمام مشاريع باسيل. هذه هي الخلاصة الباسيلية والشمّاعة الدائمة لتبرير الفشل. حتّى انّ الاخبار المقدَّم إلى النيابة العامة المالية، ضد الوزراء جبران باسيل، أرتور نظريان، سيزار أبي خليل، ندى البستاني، بجرم “دس تقارير غير صحيحة، ما أدى إلى وقوع اختلاس”، أدرجه الفريق العوني في خانة الانتقام “الأملي” من باسيل. إلاّ أنَّ الحقيقة مغايرة تماماً، ليس حقيقة تبرئة حركة أمل من الضلوع في المماحكات مع باسيل وتيّاره، بل حقيقة التذرّع بأن الحركة هي سبب عدم تطوير القطاع ونجاح المشاريع.

أبعد من ذلك، ما فعلته حركة أمل منذ الاعلان عن ورقة سياسة القطاع، كانت تُمرِّر التوقيع تلو الآخر على المشاريع الباسيلية، لتأخذ حصّتها في قطاع الكهرباء، وتضمن توقيع باسيل على مشاريع أخرى، للحركة حصّة الأسد فيها، أسوة بحصة باسيل في قطاع الطاقة.

مدير عام الاستثمار وإدارة المناقصات

هي العرقلة إذاً من وجهة نظرٍ باسيلية عونية. وفي المقابل، للوقائع وجهة نظر أصدق، يدعمها تمسُّك المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة، غسان بيضون، ومدير عام إدارة المناقصات جان العلية، بتطبيق القانون. والحظ العاثر لباسيل ومستشاريه الذين حوَّلهم إلى خلفاء له في الوزارة، وَضَعَ بيضون والعلية في طريق مخالفة القانون، ما جعل باسيل وخلفاءه يتوجّهون إلى مجلس الوزراء لاستجلاب الموافقة على المشاريع، بصورة التراضي، عوض السير وفق القانون. والتراضي يعني التوافق على تمرير المخالفات. وهذا ما حصل لصفقة بواخر الطاقة حين أوقفها العلية مستنداً إلى عدم قانونية تمرير مناقصة بعارض وحيد، فكان كالقاضي الذي حكم بالعدل، فواجه إمكانية معاقبته وتطييره من مركزه القانوني. أمّا بيضون، فاتُّهِمَ مِن قِبَل باسيل ووزرائه، بأنّه ذراع رئيس مجلس النواب نبيه برّي في وزارة الطاقة، وهو مُعَيَّنٌ في مركز المدير العام، لمقارعة باسيل. وانتقاماً من بيضون، مَنَحه وزير الطاقة الأسبق سيزار أبي خليل إجازة إجبارية تنتهي مدّتها مع إنتهاء الخدمة الفعلية لبيضون. إذ يكون بعد الإجازة قد بلغ سن التقاعد.

العرقلة المزعومة يدحضها مشروع مقدّمي الخدمات أيضاً، حيث جرى تقسيم المشاريع والوظائف والمهام التي تقوم بها الشركات الثلاث، بين القوى السياسية، وعلى رأسها التيار الوطني الحر وحركة أمل. وما تشريع شركة خدمات رابعة برعاية أمل وحزب الله، سوى تتويج لعلاقة الشراكة بين التيار وأمل، وإن كانت مموَّهة بستار الصراع والمعارك.

نيدز خارج السرب

يعود ارتباط شركة نيدز للهندسة والتنمية بالدولة إلى العام 2011، من خلال “عقدين منفصلين، الأول مع وزارة الطاقة والثاني مع مؤسسة كهرباء لبنان، وقد تم إقرار العقدين بقرار من مجلس الوزراء وعبر الأصول القانونية المتّبعة، وقد أخذت هذه العقود الموافقات الكاملة من المؤسسات الرقابية وعلى رأسها ديوان المحاسبة”، وفق ما تؤكّده الشركة في إطار الرد على إدراج اسمها في الإخبار المقدّم إلى النيابة العامة المالية.

ويأتي إدراج اسم شركة نيدز في الإخبار، بوصفها شريكاً لباسيل في مشاريعه، لكن الشركة عبَّرَت عن عدم جدوى الاستمرار في المشاريع، لأنها لم تأتِ بالنتائج المرجوة منها. بل باتت عبئاً على وزارة الطاقة والمالية العامة وعلى مؤسسة كهرباء لبنان. وأبعَد من ذلك، أوصت الشركة بانهاء مشروع مقدّمي الخدمات، وهو ما دفع التيار العوني إلى توجيه سيل من الانتقادات للشركة ومحاولة رمي فشل مشروع مقدمي الخدمات على عاتقها.

وفي السياق، أوضحت الشركة أنّها “منذ العام 2014 سجّلت ملاحظاتها حول التحديات والعوائق والمخاطر التي تواجه تنفيذ ورقة سياسة قطاع الكهرباء، ونجاح مشروع مقدمي الخدمات، وقد وثقت ذلك بتقارير واضحة قدمتها إلى كل من وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان. ومع بداية العام 2016، تقدمت الشركة بتقريرها النهائي المشترك مع لجنة إدارة المشروع في المؤسسة، والذي أوصى بانهاء المشروع وعدم السير بالتمديد لما يمكن أن يؤديه من هدر للمال العام. كما تمت التوصية بحسم ما يزيد عن 90 مليون دولار من الفواتير التي قدمتها شركات مقدمي الخدمات، وذلك لعدم تطابق بعض الخدمات مع مؤشرات الاداء، وقد قدمت الشركة إفادتها بهذا الخصوص إلى المدعي العام المالي”.

حروب الأعدقاء

نيدز كانت شركة استشارية، وأوصت بإنهاء المشاريع بعد تأكُّدها من استحالة اصلاح قطاع الطاقة وفق المنهج الباسيلي خصوصاً، ومنهج المنظومة السياسية عامّةً. بيضون والعليّة قدّما التبريرات القانونية لفشل المشاريع والصفقات، وفي المقلب الآخر، حركة أمل وباقي أركان المنظومة، شرّعوا الصفقات انطلاقاً من مجلس الوزراء، ليبرهن المجلس أن التيار والحركة “أعدقاء”، فهم ليسوا أصدقاء بالمطلق بسبب تضارب المصالح بينهما، وليسوا أعداء بالمطلق، بسبب حاجتهما لتمرير المشاريع.

إنَّ مَن عرقل تمرير المشاريع هو الخلل الداخلي فيها. فمنذ اللحظة الأولى، معلوم أن مشروع بواخر الطاقة لم ينوجِد لتأمين الكهرباء، بل هو موجود لمنع تأمين الكهرباء. وأيضاً، السلف المالية المخصصة لشراء الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، من خارج الأطر القانونية، هو أمر موجود لإغراق المؤسسة وإفلاسها. كما ان استمرار العمل بمشروع مقدمي الخدمات، يهدف إلى تمزيق القطاع وإرهاق مؤسسة الكهرباء. ويتقاطع ذلك، مع الإصرار على عدم تعيين مجلس ادارة للمؤسسة، والتوافق على إبقاء كمال حايك مديراً عاماً يختصر المؤسسة كلّها بشخصه… وكل ذلك بتوافق سياسي تام.

Leave A Reply