رفض الحوار يطيل أمد الشغور… ونوايا مبيّتة تستهدف الملف النقدي

كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: منذ سنة تقريباً ارتفع صوت وليد جنبلاط والحزب التقدمي الإشتراكي مطالباً بالحوار الجاد لإجراء الانتخابات الرئاسية قبل الدخول في الشغور، واليوم وبعد أشهر عديدة على هذا الشغور لا تزال الحقيقة ذاتها بأن لا إمكانية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بدون حوار، فيما لا تزال باقي الأطراف تدور حول طروحاتها وحساباتها للربح والخسارة، أما الخسارة الأقسى فهي على الناس وعلى هيكل الدولة، في حين تقتصر مساعي الخارج على تحركات وجِلة لم تسمن ولن تغني عن جوع اللبنانيين وتطلعهم الى أن يقتنع أولو الأمر بأن يسلكوا الحوار.

واذ من المتوقع أن يناقش الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت حال عودته المرتقبة إمكانية الدعوة إلى حوار رئاسي، فإن ملفات أخرى تطفو الى سطح الازمات على رأسها موضوع حاكمية مصرف لبنان الذي سيكون مدار بحث اليوم في السراي الكبير خلال اللقاء الذي سيعقده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، وكذلك مناقشة مشروع الموازنة العامة التي قد تأخذ من مجلس الوزراء جلسات عدة قبل إحالة المشروع إلى المجلس النيابي.

في الموضوع الرئاسي، استبعدت مصادر متابعة أن يحمل لودريان حلولًا جديدة تعبّد الطريق لإنهاء الشغور الرئاسي بغياب التفاهمات السياسية، وفي ظل المواقف المتباعدة للقوى السياسية.

أما في الموضوع الثاني فقد حذرت مصادر مالية من أن تحمل مناقشة الموازنة العامة من قبل الحكومة ضرائب جديدة قد لا يملك اللبنانيون القدرة على مواجهتها في ظل عدم ثبات سعر الصرف والآلية التي قد تتبع لحل مسألة الشغور في حاكمية مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية رياض سلامة.

في هذا السياق رأى الخبير المالي – الاقتصادي انطوان فرح في حديث مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أن اللبنانيين مهتمين بموضوع حاكمية مصرف لبنان وما سيجري بعد انتهاء ولاية الحاكم في الحادي والثلاثين من تموز أكثر من اهتمامهم بالموازنة لسبب بسيط. أولا لأن الموازنة تجري دراستها في تموز، ومفاعيلها قد تذهب حتى نهاية السنة لإقرارها، وقد تكون مفاعيلها انتهت. دون أن ينكر فرح أن هناك تخوفاً من الرسوم والضرائب خصوصاً أن أرقام الإيرادات المقدرة من الواضح أنها زادت بشكل كبير عن موازنة 2022 ما يؤكد أن هناك رسوما وضرائب جديدة حتى لو أنكرت الحكومة هذا الأمر، لكن الإيرادات ستأتي من زيادة الضرائب والرسوم. الأمر الآخر يأتي من إعادة التقييم للدولار على سعر الليرة، فعلى سبيل المثال الأملاك البحرية ورسوم المغادرة كلها أمور أعيد تقييمها على أساس سعر صرف جديد، وبالتالي لن تكون فيها ضرائب إضافية.

وبالعودة إلى الموضوع الأهم بالنسبة للبنانيين وهو حاكمية مصرف لبنان، فباعتقاد فرح أن الافكار التي طرحها نواب الحاكم تحمل مطالب قسم كبير من اللبنانيين عندما طرحوا في اجتماعهم مع لجنة الادارة والعدل النيابية ضرورة إصدار تشريعات مالية ونقدية مطلوبة، والحكومة وافقت عليها مع صندوق النقد للبدء بخطة الإنقاذ والمجلس النيابي اعطى موافقة مبدئية بقبول بعض المشاريع ومناقشة بعضها الآخر مثل الكابيتال كونترول الذي أقر من قبل اللجان النيابية ولم يبق سوى إحالته على الهيئة العامة.

وأضاف فرح: “كل هذه المشاريع التي طرحت من قبل نواب الحاكم هي من حيث المبدأ مطالب مشروعة، حتى تحرير سعر الصرف، فهذا مبدأ متفق عليه لكن تدريجيا، وبالنهاية كل الأمور قابلة للنقاش حتى مع نواب الحاكم”.

واذا كان هناك من يطرح وضع مصرف لبنان تحت سلطة حارس قضائي، فإن مردّ ذلك ليس إلى ما هو معلن من أصحاب هذا الطرح، بل إلى ما هو مضمر لديهم من نوايا مبيتة لتنفيذ ما عجزوا عنه في السنوات الستة الماضية، لوضع اليد على السياسة النقدية والمالية تحت ذريعة الحقوق والصلاحيات، وحتى تحقيق اوهام السيطرة هذه لا مانع لديهم من تعطيل الدولة كلها من بدءا من رئاسة الجمهورية إلى آخر قطاع من قطاعاتها.

Leave A Reply