أزمة نقص غذاء حادة في كوريا الشمالية.. وتحذيرات من “منعطف مميت”

تتزايد المخاوف بشأن نقص الغذاء المزمن في كوريا الشمالية، وسط حديث عن احتمال حدوث وفيات بسبب الجوع، وتحذيرات من وصول البلاد إلى “منعطف خطير مميت”، وفقا لتقرير لشبكة “سي إن إن” الإخبارية.

يقول بعض الخبراء إن البلاد قد وصلت إلى أسوأ نقطة لها منذ التسعينيات من القرن الماضي، والتي عرفت باسم “المسيرة الشاقة”، والتي تسببت في مجاعة جماعية وقتلت مئات الآلاف من الناس أو ما يقدر بنحو 3إلى 5 بالمئة، مما كان آنذاك 20 مليون نسمة، حسب “سي إن إن”.

والأسبوع الماضي، ذكرت وسائل إعلام رسمية كورية شمالية، أن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، دعا مسؤولي الحكومة إلى إحداث “تغيير جذري” في الإنتاج الزراعي، وسط مخاوف من تفاقم نقص الغذاء في البلاد، وفقا لـ “رويترز”.

وقال كيم إن تحقيق أهداف إنتاج الحبوب هذا العام أولوية قصوى، وشدد على أهمية استقرار الإنتاج الزراعي خلال اليوم الثاني من اجتماع حزبي موسع الاثنين، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.

ولم يوضح التقرير الإجراءات التي ستتخذها كوريا الشمالية، لكن كيم قال إن التغييرات يجب أن تحدث في السنوات القليلة المقبلة.

يقول باحثون إن المزارع الجماعية تمثل الغالبية العظمى من الزراعة في كوريا الشمالية، وعادة ما يتشارك في مثل هذه المزارع العديد من صغار المزارعين الذين ينتجون المحاصيل بعمالة مشتركة، حسب “رويترز”.

وتأتي تصريحات كيم وسط تقارير عن تزايد مشاكل نقص الغذاء في البلاد، غير أن البلاد تنفي المزاعم عن عدم قدرتها على توفير الغذاء للمواطنين.

وتشير بيانات التجارة وصور الأقمار الصناعية والتقييمات التي أجرتها الأمم المتحدة والسلطات الكورية الجنوبية إلى أن الإمدادات الغذائية قد “انخفضت الآن إلى أقل من الكمية المطلوبة لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات البشرية”، وفقًا لما ذكره، لوكاس رينجيفو كيلر، محلل أبحاث في معهد بيترسون الاقتصاد العالمي.

وقال “حتى لو تم توزيع الطعام بالتساوي، وهو شيء قريب من المستحيل في كوريا الشمالية حيث تكون الأولوية للنخبة والجيش، فسيكون لديك وفيات مرتبطة بالجوع”.

ويتفق المسؤولون الكوريون الجنوبيون مع هذا التقييم، حيث أعلنت سيول مؤخرًا أنها تعتقد أن الوفيات بسبب الجوع تحدث في بعض مناطق البلاد.

وفي وقت سابق من الشهر، قالت وزارة الوحدة في كوريا الجنوبية إن الوضع الغذائي في الشمال “يبدو أنه تدهور”.

وقالت الوزارة في ذلك الوقت إنه كان من النادر أن تعلن كوريا الشمالية عن اجتماع خاص بشأن استراتيجية الزراعة كان من المقرر عقده في أواخر فبراير، حسب “رويترز”.

ما الأسباب؟

تخضع كوريا الشمالية لعقوبات دولية صارمة بسبب أسلحتها النووية وبرامجها للصواريخ الباليستية، وتعرض اقتصادها لمزيد من الضغط بسبب إجراءات الإغلاق الصارمة للحدود التي تفرضها على نفسها بهدف وقف انتشار كوفيد-19.

وحتى قبل جائحة كوفيد، كان ما يقرب من نصف سكان كوريا الشمالية يعانون من نقص التغذية، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.

وخلال الوباء، صعدت بيونغ يانغ من “ميولها الانعزالية” حيث أقامت طبقة ثانية من السياج على طول 300 كيلومتر من حدودها مع الصين وضغطت على التجارة المحدودة عبر الحدود التي كانت تستطيع الوصول إليها، حسب “سي إن إن”.

وفي العام الماضي أنفقت موارد ثمينة في إجراء عدد قياسي من تجارب الصواريخ.

ويقول العديد من الخبراء إن المشكلة الجذرية تتعلق بـ”سوء الإدارة الاقتصادية”، مؤكدين أن جهود كيم لزيادة سيطرة الدولة لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور.

هل يمكن حل الأزمة؟

يجب أن تفتح كوريا الشمالية حدودها، وهي بحاجة إلى استئناف التجارة، وتحسين الزراعة واستيراد الغذاء لإطعام الناس، لكن السلطات تعطي الأولوية للعزلة والقمع، حسب “سي إن إن”.

ويشير رينجيفو كيلر، إلى أن “النظام في كوريا الشمالية لا يريد طبقة رجال أعمال مزدهرة يمكن أن تهدد سلطته”، ولذلك فهو يرفض السماح بحركة التجارة “غير الحكومية”.

ويتحدث عن هوس كيم بالتجارب الصاروخية ورفضه المستمر لعروض المساعدة من جارته كوريا الجنوبية.

ويخشى رينجيفو كيلر، من “التأثير الكارثي” على سكان كوريا الشمالية الذين يعانون بالفعل، ويقول “هؤلاء السكان يعانون من سوء التغذية المزمن منذ عقود، ومعدلات عالية من القزامة”.

ويؤكد أن جميع المؤشرات تشير إلى “وضع متدهور”، ولذلك لن يتطلب الأمر الكثير لدفع كوريا الشمالية إلى حافة المجاعة، حسب حديثه.

Follow Us: 

Leave A Reply