رشاوى الفساد على عينك يا تاجر..!

تشهد الدوائر العقارية والمالية والبلدية إقبالاً غير مسبوق من المواطنين لدفع مستحقاتهم من الرسوم والضرائب قبل نهاية الشهر الحالي، إستباقاً لتنفيذ قرار العمل بالدولار الجمركي الجديد، حيث من المتوقع أن تتضاعف قيمة هذه المستحقات عدة مرات، وبما يفوق قدرة الكثير من المكلفين على سداد المتوجب عليهم للدولة.

ولكن من مهازل هذا الزمن الرديء، أن الكثير من المواطنين يصطدمون بحالات من التباطؤ والمماطلة من بعض الموظفين المعنيين، الذين يفتعلون العقبات، ويعرقلون معاملات الذين لا «يُزيّتون الماكنة»، بمعنى لا يدفعون الرشوة، أو الجزية المفروضة عنوةً على المكلفين، في ظل غياب كامل لأجهزة الرقابة، وتلاشي هيبة الدولة، والإستخفاف بالعقوبات التي يمكن أن يتعرض لها الموظف المرتكب، والذي غالباً ما يكون محمياً من مرجعياته السياسية أو الحزبية أو الطائفية.

يقول أحد المكلفين أنه مع هيمنة الفساد المستشري في الإدارات الرسمية، أُضطر لدفع رشوة مالية تفوق قيمتها مبلغ الرسوم الرسمية الواجب دفعها لصندوق الدولة، حتى يُنهي معاملته بالوقت الطبيعي، ولا تنام في أدراج الموظف أشهراً طويلة، كما يحصل مع آلاف المعاملات الأخرى، الذين أنهكتهم رشوات الفاسدين.

التحقيقات القضائية الجارية لكشف ملابسات الفساد في دوائر النافعة وتسجيل السيارات، يمكن أن تتحول إلى نموذج لتعميم محاربة الفساد في الإدارات الرسمية، في حال بقيت هذه التحقيقات تسير بشكل طبيعي في مسارها القضائي، ولم تنجح التدخلات السياسية، والضغوطات الفئوية، في إجهاض التحقيق في منتصف الطريق، وإخفاء الحقائق والمستندات، وخلع أثواب البراءة على المرتكبين.

المفارقة أن التحقيقات القضائية الناشطة في ملفات الفساد في دوائر النافعة، لم تردع حالات التسيّب والفساد في الدوائر الأخرى، حيث الموظفون يطلبون الرشاوى من المواطنين علناً، «وعلى عينك يا تاجر»، دون مخافة من رقيب، ودون مهابة من أي حسيب.

أي إصلاح يُرتجى في دولة ينخرها سرطان الفساد من قمة الرأس حتى أخمص القدمين؟

صلاح سلام – اللواء

Leave A Reply