ما لم يقله بيان جمعية المصارف

صلاح سلام – اللواء

كل شيء في البلد يوحي بعدم وجود دولة، ولا نظام للسلطة الحاكمة، وأن الأمور أصبحت خارج سيطرة الحكومة والمؤسسات العامة، على طريقة: «حارة كل مين إيدو إلو»، وما تعنيه من فلتان آمني، وتسيّب أخلاقي، وفوضى في مختلف المرافق.

تجدد عمليات إقتحام المصارف من صغار المودعين، أمر متوقع ويكاد يكون مبرراً تحت ضغوط الحاجات الإضطرارية لأصحابها، وخاصة الصحية والمعيشية والطلابية، أما أن تعمد نائبة تتدثر برداء ثورة ١٧ تشرين وشعاراتها التغييرية، إلى منافسة مواطنيها في إقتحام مصرفها، بحجة الحصول على مبلغ من المال لتغطية فارق التأمين للعملية الجراحية، فهذه بدعة جديدة من بدع نواب التغيير الذين لم يعرفوا بعد نقطة الانطلاق الصحيحة على دروب التغيير.

والطريف أن النائبة سنتيا زرازير قامت بعمليتها ليس لمناصرة أحد ناخبيها، بل لتحقيق مصلحتها الخاصة، مستغلة حصانتها النيابية لدخول المصرف، والتفاوض خمس ساعات مع إدارة بنك بيبلوس، وذلك قبل أن يجف حبر بيان جمعية المصارف الذي رمى فيه المسؤولية على الدولة والحكومات المتعاقبة، عن الأزمة النقدية، وهدر المليارات من أموال المودعين، والشحّ الحالي لليرة اللبنانية.

الواقع أن بيان جمعية المصارف جاء متأخراً، وبعد «خراب البصرة» في العلاقات بين البنوك ومودعيها، وخاصة بعد نجاح السلطة الفاسدة في الإيقاع بين الناس والمصارف، وتصوير الطرف الأخير بمثابة المسؤول الأول عن الإنهيارات المالية والنقدية، وهدر ونهب أموال المودعين.

ما ورد في بيان أصحاب المصارف بعضه صحيح وواقعي، ولكن ما لم يرد في البيان هو تقاعس المصارف عن وضع صيغة مقبولة مع الحكومة والبنك المركزي، لتلبية حاجات الحد الأدنى للمودعين، من معيشية وإستشفائية خاصة، فضلاً عن إمتناعهم عن ممارسة الضغوط اللازمة على أهل الحكم لإستعجال إصدار قانون الكابيتال كونترول لتنظيم العلاقة بين المصارف والمودعين، ويُحافظ على ما تبقى من ثقة وعلاقة مهنية بين الطرفين.

نعم المنظومة السياسية الحاكمة التي غرقت في وحول الفساد، ونهبت المليارات من المصارف ومن الخرينة، وهدرت مئات الملايين على الكهرباء والسدود الوهمية، هي التي يجب أن تتحمل العبء الأكبر من الفجوة المالية.

ولكن ماذا فعلت جمعية المصارف حتى الآن لتُقنع المودع بأن جنى عمره لن يُمسّ، وأن بمقدوره الحصول على تسهيلات بحدود معينة لتأمين حاجاته المعيشية، ومتطلباته الصحية من دواء وإستشفاء، وفق صيغة تنظم التعاون بين الطرفين بشفافية تؤمن إستقرار العلاقة في إطار من الإحترام لحقوق المودع وكرامته، وتحافظ على مكانة ومهنية القطاع المصرفي.

عدا ذلك، سيبقى مسلسل الإقتحامات مستمراً، وستزداد العلاقة بين المودع والمصرف تدهوراً، وتتفاقم الأوضاع النقدية إنهياراً!

Leave A Reply