هل تنتهي طوابير الأفران؟ ويحصل المواطن على رغيف الخبز بأمن وكرامة؟

الدكتور طوني وهبه – النهار

تتناسل المشاكل، وتتواصل معاناة اللبنانيين اليومية، جرّاء التدهور الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان، فإلى أزمات الدواء والاستشفاء والمياه والكهرباء والمحروقات، ينقطع الخبز من الأفران، وإن وجد، فلساعة واحدة في اليوم حيث يتم توزيعه “بالقطّارة” على المواطنين الذين يصطفون بالعشرات في طوابير طويلة، أمام الأفران التي لا تعطي إلا ربطة واحدة لكل شخص في الطابور.

ومع ظهور كل أزمة هناك مستفيدون، يقومون بالتحايل على الأفران، حيث يقف رب العائلة وأفراد عائلته في الصف (وهؤلاء بمعظمهم من النازحين السوريين) فيحصلون على عدة ربطات من الخبز من كل فرن، ثم يقومون بالانتقال إلى فرن آخر، ليقوموا بعد ذلك ببيعها في السوق السوداء وبهذه الطريقة يحققون أرباحاً كبيرة على حساب لقمة عيش المواطنين.

إذاً هذه هي الصورة على أرض الواقع “شحّ في الخبز ومذلّة للمواطنين”، أما في المقلب الآخر، فيؤكد وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام أن جهوده قد أثمرت وحل هذه المشكلة بات وشيكاً، ويعتبر الحصول على قرض الطوارئ من البنك الدولي لدعم القمح نجاحاً كبيراً للبنان ولوزارة الاقتصاد تحديداً، حيث لأول مرة تحصل فيه وزارة في الحكومة اللبنانية على قرض من مؤسسة دولية، ما يشكّل اعترافاً من البنك الدولي بأن هذه الوزارة تعمل بنهج إصلاحي ومؤسساتي بنّاء وبحسب مواصفات المجتمع الدولي، ونموذجاً مصغراً عن التعاون بين الوزارة والبنك الدولي، للعمل على إنهاء سياسات الدعم المعمول بها، ووضع إطار إصلاحي لها، يعتمد على الدور الترشيدي والحمائي للأمن الغذائي.

هذا وتسلم الوزير سلام، كتاباً من البنك الدولي يعلمه فيه بأن بعثة رفيعة المستوى من البنك ستزور بيروت في الفترة ما بين 18 و26 تموزالجاري. في مهمة لدرس آليات توفير الدعم الفني لتفعيل مشروع الاستجابة الطارئة لإمدادات القمح للبنان. وأن البعثة ستتابع مسار التصديق على المشروع في المجلس النيابي، وستقدم الدعم لوزارتي الاقتصاد والمالية لتوفير الشروط الضرورية من أجل إنجاح المشروع في كل تفاصيله.

ولفت إلى أن قرض البنك الدولي المخصص لضمان تأمين القمح وعدم انقطاعه عن المطاحن والأفران سيخدم لفترة سنة تقريباً، مع اعتماد خطة ترشيد الاستهلاك بحسب مواصفات البنك الدولي، من حيث التدقيق والمحاسبة والشفافية، وتحويل الدعم من دعم للسلع إلى دعم عبر البطاقة التمويلية المعمول بها، والتي سيتم تطويرها في الفترة القريبة المقبلة.

وأَضاف سلام “نحن على ثقة ان هذا المشروع الطارئ الذي نعمل جاهدين لتطويره ونجاحه سيؤمن الاستقرار في استيراد لبنان لمادة القمح، خاصة أن دول الشرق الأوسط ولبنان في طليعتها في خطر محدق تجاه تأمين القمح في الأشهر المقبلة، نتيجة الحرب الروسية -الأوكرانية، وسيؤمن شبكة أمان غذائي متمثلة بالخبز للمواطنين ضمن برنامج يرشّد وينظّم الدعم لحماية المستهلك، ويحافظ على سعر مدعوم للخبز في ظل هذه الظروف الاقتصادية القاهرة والقدرة الشرائية المتدنية، كما سيساهم في تطوير وتدريب الإدارة على خطة المشتريات ودليل العمليات والاتفاقيات الإدارية، للحدّ من تداعيات سياسات الدعم السابقة التي أرهقتنا ونعجز عن المضي بها”.

من جهة أخرى أوضح نقيب أصحاب المطاحن أحمد حطيط أنه يتم مراقبة كل شاحنات الطحين التي تخرج من المطاحن إلى الأفران، وأن المشكلة الأساسية كانت في احتكار التجار للطحين وعملية تهريبه.

وأكد أنه لا يتم تسليم الطحين المدعوم إلا بموجب “بون” صادر عن وزارة الاقتصاد يحدد الكمية والجهة، كما أن صاحب الفرن يوقع لدى استلامه الطحين ويحدد الكمية التي استلمها.”

وأعلن أنه “خلال أيام هذا الأسبوع، سيصل حوالى 35 ألف طن من القمح،” لافتًا إلى تواصله مع وزارة الاقتصاد ومصرف لبنان لإعطاء استثناءات بهدف توزيع الكمية بشكل سريع.

كما أنه وفي خطوة عملية لانطلاق ورشة الإصلاح التي ترمي إلى وضع حدّ لتجّار الازمات بدءاً بإعادة تقييم جداول التوزيع ومراقبة الكميات التي توزع في السوق حفاظاً على خبز المواطن، على أن تنشر هذه الجداول أمام الرأي العام التزاماً بالشفافية.

أصدر الوزير سلام أمس قراراً قضى بتخفيض حصص الأفران الكبيرة من الطحين المعدّ لإنتاج الخبز العربي منعاً لاستعماله في صناعة المعجنات المتنوعة والموجودة لدى الأفران ذات الحصص الكبيرة، وتشجيعاً للأفران الصغيرة المتوزعة في القرى والمناطق البعيدة على زيادة إنتاجها وحمايتها من المنافسة والمضاربة.

ترى، هل تضمن كل هذه الخطوات والقرارات التي قامت بها وزارة الاقتصاد ونقابة المطاحن وصول رغيف الخبز إلى المواطنين بأمن وكرامة، وننتهي من الوقوف في طوابير الأفران وغيرها؟

Leave A Reply