حركة القطاع التجاري شبه مُتوقفة والأنشط حالياً قطاع الأغذية

أميمة شمس الدين – الديار

يمر اللبنانيون بضائقة اقتصادية غير مسبوقة منذ اندلاع الازمة الاقتصادية والمالية والمعيشية من اكثر من ستنين ونصف عندما بدأت الليرة اللبنانية بالانهيار مع بدء ظهور السوق الموازي لسعر صرف الدولار في ايلول ٢٠١٩ بسبب شح السيولة بالعملات الاجنبية منذ ذلك الوقت يستمر سعر الصرف بالارتفاع الى ان وصل الى مستويات غير مسبوقة فاقت لمرات عديدة الـ ٣٠ الف ليرة وزاد معها انهيار العملة الوطنية التي فقدت اكثر من ٩٠٪ من قيمتها ومع استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار و تدهور العملة الوطنية تفاقمت الازمة المعيشية وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين الذين اصبح اكثر من ٥٠٪ منهم تحت خط الفقر المدقع كل هذا طبعاً كان له انعكاس على الاسواق التجارية فكيف يتعامل القطاع التجاري مع ارتفاع وتلاعب سعر صرف الدولار؟

وكيف هي الحركة في الاسواق وهل هناك جمود في القطاع التجاري نتيجة تدهور سعر صرف العملة الوطنية؟ وهل نحن مقبلون على دولرة شاملة للبلد؟ كل هذه الاسئلة وغيرها توجهنا بها الى رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس الذي قال في حديث للديار «نحن كقطاع تجاري مستائين و مربكين من جراء ارتفاع وتلاعب سعر صرف الدولار وكل القطاع الخاص هو في حال من الضياع مشيراً انه منذ نهاية ٢٠٢١ الى موعد الانتخابات بقي سعر الصرف مستقراً على حوالى ٢٠ الف ليرة وهذا ارسى نوع من الهدوء والثبات الى حد ما في موضوع الاسعار» لافتاً «ان هذا الامر يسمح للتاجر ان يوازن مشترياته وكذلك يسمح للمواطن ان يُقدر كمية مشترياته.

واكد شماس على صعوبة تقلبات سعر الصرف خصوصاً عندما يرتفع خلال نهار واحد بين ٣ و ١٠ الاف الامر الذي لا يؤدي فقط الى هبوط القدرة الشرائية وتوقف العمل التجاري بل يؤدي الى ذوبان رأسمال التجار واذ اشار ان الحركة اليوم في القطاع التجاري سيئة وشبه متوقفة باستثناء المواد الغذائية والاستهلاكية الاساسية لفت انه من منتصف نيسان الماضي الى منتصف ايار ومع الحركة الانتخابية والانفاق الانتخابي انتعشت الاسواق خصوصاً خلال اعياد الفصح والفطر» مشدداً على «الترابط الحتمي بين سعر صرف الدولار والقدرة الشرائية للمواطن التي دابت بشكل فظيع و انخفضت بسرعة قياسية الى مستويات غير مسبوقة حيث وصلت الى القعر وتوقع شماس ان يؤدي الموسم السياحي في فصل الصيف الى تنشيط الدورة التجارية والاقتصادية.

واشار «انه في الايام الطبيعية قبل الازمة كان فصل الصيف يمثل احدى المحطات الاساسية معتبراً ان هذا الامر سيساعد نوعاً ما على نهوض القطاع التجاري واكد شماس ان فصل الصيف سيؤدي الى زيادة الحركة في القطاع التجاري بنسبة ٣٠٪ لا سيما في السلع المعمرة والكماليات خصوصاً في شهري تموز واب حيث ستأتينا قدرة شرائية وافدة من قبل المنتشرين اللبنانيين و الاخوان العرب ايضاً مشيراً الى ما قاله سفير الكويت في لبنان عن الطائرات ممتلئة من الكويت الى لبنان كما سيكون هناك رحلات اضافية واذ شدد ان هذه الامور تبشر بالخير وتريح الاسواق تخوف من حدوث خضة امنية على ابواب الصيف خصوصاً اننا بحاجة ماسة لهكذا موسم ليس من باب الترف بل من باب اعادة تكوين الحد الادنى من المؤنات المالية وتسكير الالتزامات المالية وبالنسبة لاحتمال حصول الدولرة الشاملة في البلد رأى شماس ان هذا الموضوع لا ينفصل عن خطة التعافي للحكومة اللبنانية و موضوع توحيد سعر الصرف وغيرها من الامور الاصلاحية المطلوبة» وقال «المهم ان يكون هناك استقراراًان كان لجهة الدولار او استقرار الليرة اللبنانية على سعر صرف مستقر مفضلاً ان يكون التعامل بالليرة اللبنانية لأن للدولرة انعاكسات عديدة لاسيما في موضوع التسليفات التي ادت الى خراب في الوضع الاقتصادي اللبناني.

وشدد شماس على ان التقلبات في سعر الصرف يجعل من التسعير للسلع بالعملة اللبنانية امراً صعباً جداً اذ ان المحال التي لديها سلع عديدة تضطر الى تغيير الاسعار يومياً واحياناً مرتين او اكثر في النهار تماشياً مع تقلبات سعر صرف الدولار ورداً على سؤال حول اتهام التجار بالتلاعب بالاسعار» قال شماس: «كما كل القطاعات هناك اناس لا يتمتعون بالاخلاق المهنية المطلوبة ويعملون للاستفادة من الازمة ويحاولون تحقيق ارباح بشكل غير اخلاقي وهؤلاء لا ينتمون الى الهيئات الاقتصادية والجمعيات التجارية النظامية مؤكداً انه باستثناء تجار المواد الغذائية والمواد الاستهلاكية ان ٨٠٪ من القطاع التجاري لا يتمكن من رفع الاسعار باي شكل من الاشكال لأنه لن يستطيع البيع بسبب تراجع القدرة الشرائية للمواطنين موضحاً ان رقم اعمال القطاع التجاري انخفض نحو ٧٥٪». مؤكداً «ان لا مصلحة للتجار برفع الاسعار بل بالعكس المنحى يتجه الى تخفيض الاسعار من اجل اعادة استقطاب المستهلكين ولفت شماس الى ان القطاع التجاري اصيب بنكبة حقيقية وتحديداً في العاصمة بسبب الازمات المتتالية بدءاً من الازمة الاقتصادية التي بدأت في ١٧ تشرين الى التخلف عن دفع سندات اليوروبوند ثم جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت.

واسف شماس لأن الثمن كان مرتفعاً جداً فعندما يهبط رقم الاعمال بشكل فظيع حيث وصل احياناً الى -٩٠٪ فمهما حاولنا تخفيف الاكلاف لا مجال للمحافظة على الحد الادنى من الهوامش» مشيراً «ان التجار يعملون جاهدين للاستمرار و للمحافظة على صمود القطاع التجاري في ظل حجز اموالهم في المصارف التي تُضاف على المتاعب التي يعانون منها وقال نحن كتجار لدينا اصحاب حقوق وهم الموظفين والاجراء وهم عائلتنا ونعمل للمحافظة عليهم برموش العيون ومن جهة اخرى هناك الموردون في الخارج اذ حصل تأخير كبير في تسديد فواتيرهم هذا اضافةً الى القروض المصرفية التي ما زال جزء كبير منها مفتوحاً وصولاً الى التخوف من زيادة العبئ الضرائبي على المؤسسات والمواطنين» واشار شماس رداً على سؤال «انه منذ ٢٠١٩ الى اليوم اقفل نصف المؤسسات والمحال التجارية تقريباً في لبنان وهذه كارثة موصوفة فقد حصل انقراض فعلي لجزء كبير من مؤسسات القطاع التجاري.

واشار ان هذا الامر ينسحب على مجموعة من القطاعات الاخرى» واذ اسف «اننا فقدنا جزءاً كبيراً من رونقنا الاقتصادي خلال السنوات الماضية اكد اننا لن نستسلم و سنستمر في العمل كي نرد البريق ولو بالحد الادنى للقطاع التجاري في الفترة المقبلة مشدداً اننا ننتظر بفارغ الصبر بداية موسم الصيف كي نأخذ جرعة اوكسجين و نبدأ من الخروج من القعر الذي وصلنا اليه».

Leave A Reply